ذكر العلة التي من أجلها لا يشفع الأنبياء للناس يوم القيامة في الوقت الذي ذكرناه
6465 - أخبرنا قال : حدثنا أحمد بن علي بن المثنى قال : حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب عن جرير بن عبد الحميد عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة ، قال : أبي هريرة آدم ، فيقولون : يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول آدم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه كان أمرني بأمر فعصيته ، فأخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .
فينطلقون إلى نوح ، فيقولون : يا نوح أنت نبي الله ، وأول من أرسل ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول نوح : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه قد كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي ، فأهلكوا ، وإني أخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .
[ ص: 382 ] فينطلقون إلى إبراهيم ، فيقولون : يا إبراهيم أنت خليل الله ، قد سمع بخلتكما أهل السماوات والأرض ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وذكر قوله في الكواكب : هذا ربي وقوله لآلهتهم : بل فعله كبيرهم هذا وقوله : إني سقيم وإني أخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي . فينطلقون إلى موسى ، فيقولون : يا موسى أنت نبي اصطفاك الله برسالاته ، وكلمك تكليما ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول موسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإني قد قتلت نفسا ، ولم أؤمر بها ، فأخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .
فينطلقون إلى عيسى ، فيقولون : يا عيسى أنت نبي الله ، وكلمة الله وروحه ألقاها إلى مريم ، وروح منه ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه من الشر ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وأخاف أن يطرحني في النار ، انطلقوا إلى غيري ، نفسي نفسي .
قال عمارة : ولا أعلمه ذكر ذنبا .
فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : أنت رسول الله ، وخاتم النبيين ، [ ص: 383 ] غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، اشفع لنا إلى ربك ، فأنطلق فآتي العرش ، فأقع ساجدا لربي ، فيقيمني رب العالمين منه مقاما لم يقمه أحدا قبلي ، ولم يقمه أحدا بعدي ، فيقول : يا محمد أدخل من لا حساب عليه من أمتك من الباب الأيمن ، وهم شركاء الناس في الأبواب الأخر ، والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة إلى ما بين عضادي الباب كما بين مكة ، وهجر ، أو هجر ومكة ، وضعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصعة من ثريد ولحم ، فتناول الذراع ، وكان أحب الشاة إليه ، [ ص: 381 ] فنهس نهسة ، فقال : أنا سيد الناس يوم القيامة ، ثم نهس أخرى ، فقال : أنا سيد الناس يوم القيامة ، ثم نهس أخرى ، فقال : أنا سيد الناس يوم القيامة ، فلما رأى أصحابه لا يسألونه ، قال : ألا تقولون : كيف ؟ قالوا : كيف يا رسول الله ؟ قال : يقوم الناس لرب العالمين ، فيسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، وتدنو الشمس من رءوسهم ، فيشتد عليهم حرها ، ويشق عليهم دنوها منهم ، فينطلقون من الجزع والضجر مما هم فيه ، فيأتون قال : لا أدري أي ذلك قال .