[ ص: 525 ] ذكر بعض أذى المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عند دعوته إياهم إلى الإسلام
6567 - أخبرنا حدثنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبي حدثني ابن إسحاق يحيى بن عروة عن عن أبيه ، قال : عبد الله بن عمرو قريشا أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما كانت تظهر من عداوته ؟ قال : قد حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم في الحجر ، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، وسب آلهتنا ، لقد صبرنا منه [ ص: 526 ] على أمر عظيم ، أو كما قالوا ، فبينا هم في ذلك ، إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، فمر بهم طائفا بالبيت ، فلما أن مر بهم غمزوه ببعض القول ، قال : وعرفت ذلك في وجهه ، ثم مضى صلى الله عليه وسلم ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها ، فعرفت ذلك في وجهه ، ثم مضى صلى الله عليه وسلم ، فمر بهم الثالثة ، غمزوه بمثلها ، ثم قال : أتسمعون يا معشر قريش ، أما والذي نفس محمد بيده ، لقد جئتكم بالذبح . قال : فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا لكأنما على رأسه طائر واقع ، حتى إن أشدهم فيه وطأة قبل ذلك يتوقاه بأحسن ما يجيب من القول ، حتى إنه ليقول : انصرف يا أبا القاسم ، انصرف راشدا ، فوالله ما كنت جهولا . فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم ، فقال بعضهم لبعض : ذكرتم ما بلغ منكم ، وما بلغكم عنه ، حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه ، وبينا هم في ذلك ، إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، وأحاطوا به ، يقولون له : أنت الذي تقول كذا وكذا - لما كان يبلغهم عنه من عيب آلهتهم ودينهم ؟ قال : نعم ، أنا الذي أقول ذلك . قال : فلقد [ ص: 527 ] رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه ، وقال : وقام رضي الله عنه دونه يقول وهو يبكي : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ ثم انصرفوا عنه ، فإن ذلك لأشد ما رأيت أبو بكر الصديق قريشا بلغت منه قط قلت : ما أكثر ما رأيت .