ذكر خبر شنع به بعض المعطلة وأهل البدع
على أصحاب الحديث حيث حرموا
توفيق الإصابة لمعناه
6664 - أخبرنا قال : حدثنا الفضل بن الحباب قال : حدثنا مسدد بن مسرهد قال : أخبرنا يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن القاسم بن عبد الرحمن أبيه عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : عبد الله بن مسعود تدور رحى الإسلام على خمس وثلاثين ، أو ست وثلاثين فإن هلكوا ، فسبيل من هلك ، وإن بقوا بقي لهم دينهم سبعين سنة .
[ ص: 47 ] قال رضي الله عنه : هذا خبر شنع به أهل البدع على أئمتنا ، وزعموا أن أصحاب الحديث حشوية ، يروون ما يدفعه العيان والحس ويصححونه ، فإن سئلوا عن وصف ذلك قالوا : نؤمن به ولا نفسره . أبو حاتم
[ ص: 48 ] ولسنا بحمد الله ومنه مما رمينا به في شيء ؛ بل نقول : إن المصطفى صلى الله عليه وسلم ما خاطب أمته قط بشيء لم يعقل عنه ، ولا في سننه شيء لا يعلم معناه ، ومن زعم أن السنن إذا صحت يجب أن تروى ، ويؤمن بها من غير أن تفسر ويعقل معناها ، فقد قدح في الرسالة ، اللهم إلا أن تكون السنن من الأخبار التي فيها صفات الله جل وعلا التي لا يقع فيها التكييف ؛ بل على الناس الإيمان بها .
ومعنى هذا الخبر عندنا مما نقول في كتبنا : إن العرب تطلق اسم الشيء بالكلية على بعض أجزائه ، وتطلق العرب في لغتها اسم النهاية على بدايتها ، واسم البداية على نهايتها .
أراد صلى الله عليه وسلم بقوله : تدور رحى الإسلام على خمس وثلاثين أو ست وثلاثين- زوال الأمر عن بني هاشم إلى بني أمية ؛ لأن الحكمين كان في آخر سنة ست وثلاثين ، فلما تلعثم الأمر على بني هاشم وشاركهم فيه بنو أمية أطلق صلى الله عليه وسلم اسم نهاية أمرهم على بدايته ، وقد ذكرنا استخلافهم واحدا واحدا إلى أن مات سنة إحدى ومائة ، وبايع الناس في ذلك عمر بن عبد العزيز ، وتوفي يزيد بن عبد الملك يزيد بن عبد الملك ببلقاء من أرض الشام يوم الجمعة لخمس ليال بقين من شعبان [ ص: 49 ] سنة خمس ومائة ، وبايع الناس أخاه في ذلك اليوم ، فولى هشام بن عبد الملك هشام ، خالد بن عبد الله القسري العراق ، وعزل عمر بن هبيرة في أول سنة ست ومائة ، وظهرت الدعاة بخراسان لبني العباس ، وبايعوا سليمان بن كثير الخزاعي الداعي إلى بني هاشم ، فخرج في سنة ست ومائة إلى مكة وبايعه الناس لبني هاشم ، فكان ذلك تلعثم أمور بني أمية حيث شاركهم فيه بنو هاشم ، فأطلق صلى الله عليه وسلم اسم نهاية أمرهم على بدايته ، وقال : وإن بقوا بقي لهم دينهم سبعين سنة ، يريد على ما كانوا عليه .