ذكر البيان بأن المرء إذا دعا الله جل وعلا بنية صحيحة وعمل مخلص قد يستجاب له دعاؤه وإن كان الشيء المسؤول معجزة
873 - أخبرنا حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبة بن خالد أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صهيب
فأخذ حجرا ثم قال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس ، فرماها فقتلها ، ومضى الناس ، فأتى الراهب فأخبره ، فقال له الراهب : أي بني ، أنت اليوم أفضل مني ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدل علي . فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ، ويداوي سائر الأدواء . فسمع جليس للملك ، كان قد عمي ، فأتى الغلام بهدايا كثيرة ، فقال : ما هاهنا لك أجمع ، إن أنت شفيتني ، قال : إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله ، فإن آمنت [ ص: 156 ] بالله دعوت الله فشفاك ، فآمن بالله فشفاه الله . فأتى الملك يمشي يجلس إليه كما كان يجلس ، فقال الملك : فلان من رد عليك بصرك ؟ قال : ربي ، قال : ولك رب غيري ؟ قال : ربي وربك واحد . فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام . فجيء بالغلام ، فقال له الملك : أي بني ، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل ؟ قال : إني لا أشفي أحدا ، إنما يشفي الله . فأخذه ، فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب ، فجيء بالراهب ، فقيل له : ارجع عن دينك ، فأبى ، فدعا بالمنشار ، فوضع المنشار في مفرق رأسه ، فشق به حتى وقع شقاه . ثم جيء بجليس الملك ، فقيل : ارجع عن دينك ، فأبى ، فوضع المنشار في مفرق رأسه ، فشقه به حتى وقع شقاه . ثم جيء بالغلام فقيل له : ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه ، فقال : اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا ، فاصعدوا به الجبل ، فإذا بلغتم ذروته ، فإن رجع عن دينه ، وإلا فاطرحوه . فذهبوا به فصعدوا به الجبل ، فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت . فرجف بهم الجبل ، فسقطوا ، وجاء يمشي إلى الملك ، فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ قال كفانيهم الله . فدفعه إلى قوم من أصحابه ، فقال : اذهبوا به ، فاحملوه في قرقور ، فوسطوا به [ ص: 157 ] البحر ، فلججوا به ، فإن رجع عن دينه ، وإلا فاقذفوه ، فذهبوا به ، فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت . فانكفأت بهم السفينة ، وجاء يمشي إلى الملك ، فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله ، فقال للملك : وإنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به ، قال : وما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد ، وتصلبني على جذع ، ثم خذ سهما من كنانتك ، ثم ضع السهم في كبد القوس ، ثم قل : باسم الله رب الغلام ، ثم ارمني ، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني . فجمع الناس في صعيد واحد ، ثم صلبه على جذع ، ثم أخذ سهما من كنانته ، ثم وضع السهم في كبد قوسه ، ثم قال : باسم الله رب الغلام ، ثم رماه ، فوقع السهم في صدغه ، فوضع يده في موضع السهم فمات ، فقال الناس : آمنا برب الغلام ، آمنا برب الغلام – ثلاثا - فأتي الملك ، فقيل له : أرأيت ما كنت تحذر ، قد والله نزل بك حذرك ، قد آمن الناس . فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت ، وأضرم النيران وقال : من لم يرجع عن دينه فأحموه ، ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها ، فتقاعست أن تقع فيها ، فقال لها الغلام : يا أمه اصبري ، فإنك على الحق كان ملك فيمن [ ص: 155 ] كان قبلكم له ساحر ، فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت ، فابعث إلي غلاما أعلمه السحر ، فبعث له غلاما يعلمه ، فكان في طريقه إذا سلك ، راهب ، فقعد إليه وسمع كلامه وأعجبه ، فكان إذا أتى الساحر ضربه ، وإذا رجع من عند الساحر قعد إلى الراهب وسمع كلامه ، فإذا أتى أهله ضربوه ، فشكا ذلك إلى الراهب ، فقال له : إذا خشيت الساحر فقل : حبسني أهلي ، وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر . فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس ، فقال : اليوم أعلم : الراهب أفضل أم الساحر ؟ .