[ ص: 82 ] مسألة [ ] جريان القياس العقلي في العقليات
الأكثرون منا ومن المعتزلة ، كما قال وغيره ، على جريان القياس العقلي في العقليات ، أي : العلوم العقلية ، كقولنا في مسألة الرؤية : الله موجود ، وكل موجود مرئي ، فيكون مرئيا . وحكى الأستاذ أبو منصور ابن سريج في كتابه الإجماع على استعماله . قال : وإنما اختلفوا في الشرعي . ثم قيل : قطعي ، والمحققون - منهم الإمام الرازي - على أنه ظني لا يفيد اليقين . وقال ابن برهان : القياس القطعي يجوز التمسك به في إثبات القطعيات ، بخلاف الظني ، لأن المطلوب فيها القطع ، واليقين لا يستفاد من الدليل الظني . وذهب الصيرفي والغزالي إلى المنع وحكاه في البرهان عن وأصحابه قال : وليسوا منكرين أيضا نظر العقل إلى العلم ، ولكن ينهون عن ملابسته والاشتغال به . أحمد بن حنبل
قال الصيرفي : العقل وضع لإدراك الأشياء على ما هي به فلا يجوز انتقاله عن هذا أبدا قال : وإنما أخطأ الناس في نفي القياس في الأحكام لأنهم راموا جعل العقليات كالموجب في الشرع فلما لم يجز أحالوه ولو سلكوا بكل واحد طريقه لأصابوا . وقال إمام الحرمين أطلق النقلة القياس وأنا أقول : إن عنوا النظر الفعلي فهو في نوعه مفض إلى العلم إذا استجمع شرائطه ، مأمور به شرعا ، وإن عنوا به اعتبار شيء ، بشيء واستثارة معنى في قياس غائب على شاهد فذاك باطل عندي . [ ص: 83 ] قلت : ولا يمكن أن يعنوا به الأول ، فإن القياس لا يطلق حقيقة على النظر المحض .
قال الأصفهاني رحمه الله تعالى : ومن قال بجريان القياس في العقليات جمع بين الأصل والفرع بأحد أمور أربعة :
أحدها : العلة كقولنا : العالمية في الشاهد حاصلة اتفاقا فكذا في الغائب لأن تمام التعليم بالشاهد إنما كان للعالمية المستقلة به للعلم ، وهذا المعنى موجود في الغائب . فيكون له العلم وهذا جمع بالعلة .
ثانيها : الجمع بالدليل . قالوا : الإتقان في الشاهد دليل العلم . وأفعال الله متقنة فيكون عالما لوجود دليل العلم .
ثالثها : الجمع بالشرط كقولنا العلم من الشاهد شرطه الحياة والله عالم فيكون حيا .
رابعها : الجمع بالإطلاق الحقيقي كقولنا : المريد من قامت به الإرادة وهذه طريقة المتقدمين من المتكلمين وهي ضعيفة تفيد العلم والمطلوب في هذه المسائل إنما هو العلم .