[ ص: 14 ] nindex.php?page=treesubj&link=20998_20997_20996_20995_20994أقسام الحقيقة الشرعية ] وأقسامها أربعة : الأول : أن يكون اللفظ والمعنى معلومين لأهل اللغة ، لكنهم لم يضعوا ذلك الاسم لذلك المعنى . الثاني : أن يكونا غير معلومين لهم . الثالث : أن يكون اللفظ معلوما لهم والمعنى غير معلوم . الرابع : عكسه ، والمنقولة الشرعية أخص من الحقيقة الشرعية . ثم من المنقولة ما نقل إلى الدين وأصوله كالإيمان والإسلام والكفر والفسق ، وتخص بالدينية ، وما نقل إلى فروعه كالصلاة والزكاة وتختص بالفرعية . قال
الصفي الهندي : وهذه الأقسام الأربعة الأشبه وقوعها . أما الأول : فكلفظ الرحمن لله ، فإن هذا اللفظ كان معلوما لهم ، والثاني : كأوائل السور ، والثالث : كلفظ الصلاة والصوم ، والرابع كلفظ الأب ولهذا لما نزل قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=31وفاكهة وأبا } قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : ما الأب ؟ ا هـ .
والنزاع في الكل على السواء . واعلم أن هذا القسم ذكره
الإمام في " المحصول " فتابعوه ، وإنما ذكره صاحب " المعتمد " على أصل
المعتزلة ، وكذلك تفسير الشرعي بما سبق ، وهو ماش على مذهبهم الآتي وأما على أصلنا فلا يستقيم ذلك
[ ص: 15 ] بل الشرط كما قاله
الأصفهاني : كون اللفظ والمعنى من حيث هو مجاز لغوي يعلمها أهل اللغة ، لاستحالة نقل الشرع لفظة لغوية إلى معنى مجاز لغة ، ولا يعرفهما أهل اللغة . الثاني : في إمكانها عقلا ، ونقل
الإمام في " المحصول "
والآمدي في " الإحكام " الإجماع على
nindex.php?page=treesubj&link=20999إمكان الحقيقة الشرعية ، وأن الخلاف إنما هو في الوقوع وليس كذلك ففي " شرح العمد "
لأبي الحسين عن قوم إنكار إمكانها ، فقال : وقد أبى قوم جواز ذلك ، واختلف تعليلهم ، فعلة بعضهم دالة على أنه منع من إمكان ذلك ، وعلة الآخرين دالة على أنهم منعوا من حسنه . ا هـ .
وممن حكى الخلاف أيضا
ابن برهان في " الأوسط " فقال : وأما إمكان نقل الأسامي ، أو نقلها من اللغة إلى الشرع فقد جوزه كافة العلماء ، ومنعه طائفة يسيرة ، وبناء المسألة على حرف واحد ، وهو أن نقلها من اللغة إلى الشرع لا يؤدي إلى قلب الحقائق ، وعنده يؤدي . الثالث : أنه إذا ثبت إمكانه فهو حسن وليس بقبيح ، وإنما هو بمثابة النسخ في الأحكام الشرعية ، فإنه يجوز نسخها وتبديلها باعتبار المصالح ، ويكون ذلك حسنا ، فلأن يحسن ذلك في الأسامي أولى . وقيل : وإن جاز عقلا لكنه لا ينتقل ; لأنه قبيح لإفضائه إلى إسقاط الأحكام الشرعية ، وهو لا يجوز إلا بالنسخ ، ذكره
ابن برهان .
الرابع : إنه إذا ثبت هذا فهل وقع أو لا ؟ فيه مذاهب : أحدها : أنها ليست بواقعة مطلقا ، سواء الدينية وهي المتعلقة بأصول
[ ص: 16 ] الدين كالإيمان والكفر ، والفرعية وهي المتعلقة بالفروع . قال
المازري في " شرح البرهان " : وهو رأي المحققين من أئمتنا الفقهاء والأصوليين ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبي بكر ،
والإمام أبي نصر بن القشيري ، ونقله عن أصحابنا ، فقال : وقال أصحابنا : لم ينقل الشرع شيئا من الأسامي اللغوية ، بل النبي صلى الله عليه وسلم كلم الخلق بلسان
العرب ، وإلى هذا ميل
القاضي . ا هـ .
ونقله الأستاذ
أبو منصور عن
nindex.php?page=showalam&ids=11975القاضي أبي حامد المروذي والشيخ أبي الحسن الأشعري فقال : أجمع أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على أنه قد نقل بالشرع أسماء كثيرة عن معانيها في اللغة إلى معان سواها إلا
nindex.php?page=showalam&ids=11975أبا حامد المروذي ، فإنه زعم أن الأسامي كلها باقية على مقتضاها في اللغة قبل الشرع . وبه قال
أبو الحسن الأشعري ، ومثال ذلك : الإيمان في اللغة بمعنى التصديق ، وقد صار بالشرع عند أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي اسما لجميع الطاعات ، وعند
الأشعري أنه الآن أيضا بمعنى التصديق ، وكذلك الصلاة والحج والعمرة أسماء لأفعال مخصوصة زائدة على ما كان مفعولا منها في اللغة قبل الشرع عندنا ، وهي عند
الأشعري ثابتة على ما كان عليه قبل الشرع إلا أنها لا يحتسب بها إلا إذا أتى على الشروط التي علقتها الشريعة بها . ا هـ . وكذلك حكاه عن
الأشعري nindex.php?page=showalam&ids=13428الأستاذ أبو بكر بن فورك في جزء جمعه في بيان الإسلام والإيمان . فقال : واختلفوا في مسألة الإيمان ،
nindex.php?page=treesubj&link=20993هل نقلت الشريعة أسماء اللغة عن موضوعاتها إلى غيرها ؟ فمنهم من قال : إنها نقلت ، وإن من ذلك الإيمان ، فإنه لغة التصديق ، وإنما قيل في الشريعة للطاعات : كلها إيمان ، وذلك شرعي لا لغوي ، وكذلك الصلاة والزكاة والحج والوضوء ، فجمعه منقول عن اللغة .
[ ص: 17 ] وقال
أبو الحسن الأشعري : إن الأسماء كلها لغوية ، وإنه لم ينقل منها شيء عن موضوع اللغة ، وأن لا إيمان إلا بتصديق ، وأن لا تصديق إلا بإيمان ، وقال : إن الصلاة لغة : الدعاء ، والحج : القصد ، والزكاة : النماء ، والوضوء : النظافة ، ولكن الشرع أتى بفعلها عن وجه دون وجه . وفرق
أبو الحسن بين الإيمان والإسلام ، فقال : كل إيمان إسلام ، وليس كل إسلام إيمانا ، وقال : إن الإسلام هو الاستسلام والانقياد والمتابعة لله في طاعاته ، والإيمان به ، وهو الاستسلام له بالتصديق بالقلب ، وقال : إن المنافق مسلم غير مؤمن ; لأنه مستسلم في الظاهر غير مصدق في الباطن ، ولذلك قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا } ففرق بين الإسلام والإيمان . ا هـ .
[ النافون للحقيقة ] ثم اختلف النافون على مذهبين : أحدهما : أنها مقرة على حقائق اللغات ، لم تنقل ولم يزد في معناها ، ونقله
إمام الحرمين وابن السمعاني عن
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبي بكر . والثاني : أنها أقرت وزيد في معناها في الشرع ، ونقلاه عن طائفة من الفقهاء .
قلت : وهو ما نصه
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك في كتابه ، فقال : وليس ذلك بنقل الاسم عن اللغة إلى الشرع ، وإنما هو إبانة موضع ما أريد بإيقاعه فيه ، فالصلاة في اللغة : من معانيها الدعاء ، ولم يخرج بالشرع عن معناه ، بل أتى بوضعه الذي جعل فيه ، فقيل : ندعو على صفة كذا ، ولا يتغير معنى الاسم بذلك . ا هـ .
[ ص: 18 ] ويخرج من أدلتهم مذهب ثالث : وهو التفضيل بين أن يتعلق بالاسم فرض فلا يجوز نقله عن معناه ; لأن النقل يؤدي إلى تغيير الأحكام ، وبين أن لا ، فلا يمتنع ، وقد سبق نقله صريحا في الحقيقة العرفية ، ولا شك أن قائله يطرده هنا . المذهب الثاني : أنها واقعة ، وهو قول الجمهور من الفقهاء
والمعتزلة كما قاله
أبو الحسين في " المعتمد " ، وحكاه
ابن برهان وابن السمعاني عن أكثر
المتكلمين والفقهاء ، وصححه ،
[ ص: 14 ] nindex.php?page=treesubj&link=20998_20997_20996_20995_20994أَقْسَامُ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ ] وَأَقْسَامُهَا أَرْبَعَةٌ : الْأَوَّلُ : أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى مَعْلُومَيْنِ لِأَهْلِ اللُّغَةِ ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَضَعُوا ذَلِكَ الِاسْمَ لِذَلِكَ الْمَعْنَى . الثَّانِي : أَنْ يَكُونَا غَيْرَ مَعْلُومَيْنِ لَهُمْ . الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مَعْلُومًا لَهُمْ وَالْمَعْنَى غَيْرَ مَعْلُومٍ . الرَّابِعُ : عَكْسُهُ ، وَالْمَنْقُولَةُ الشَّرْعِيَّةُ أَخَصُّ مِنْ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ . ثُمَّ مِنْ الْمَنْقُولَةِ مَا نُقِلَ إلَى الدِّينِ وَأُصُولِهِ كَالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ وَالْفِسْقِ ، وَتُخَصُّ بِالدِّينِيَّةِ ، وَمَا نُقِلَ إلَى فُرُوعِهِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَتَخْتَصُّ بِالْفَرْعِيَّةِ . قَالَ
الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ : وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْبَهُ وُقُوعُهَا . أَمَّا الْأَوَّلُ : فَكَلَفْظِ الرَّحْمَنِ لِلَّهِ ، فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ كَانَ مَعْلُومًا لَهُمْ ، وَالثَّانِي : كَأَوَائِلِ السُّوَرِ ، وَالثَّالِثُ : كَلَفْظِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ، وَالرَّابِعُ كَلَفْظِ الْأَبِّ وَلِهَذَا لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=31وَفَاكِهَةً وَأَبًّا } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ : مَا الْأَبُّ ؟ ا هـ .
وَالنِّزَاعُ فِي الْكُلِّ عَلَى السَّوَاءِ . وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ ذَكَرَهُ
الْإِمَامُ فِي " الْمَحْصُولِ " فَتَابَعُوهُ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ " عَلَى أَصْلِ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَكَذَلِكَ تَفْسِيرُ الشَّرْعِيِّ بِمَا سَبَقَ ، وَهُوَ مَاشٍ عَلَى مَذْهَبِهِمْ الْآتِي وَأَمَّا عَلَى أَصْلِنَا فَلَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ
[ ص: 15 ] بَلْ الشَّرْطُ كَمَا قَالَهُ
الْأَصْفَهَانِيُّ : كَوْنُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ يَعْلَمُهَا أَهْلُ اللُّغَةِ ، لِاسْتِحَالَةِ نَقْلِ الشَّرْعِ لَفْظَةً لُغَوِيَّةً إلَى مَعْنَى مَجَازِ لُغَةٍ ، وَلَا يَعْرِفُهُمَا أَهْلُ اللُّغَةِ . الثَّانِي : فِي إمْكَانِهَا عَقْلًا ، وَنَقَلَ
الْإِمَامُ فِي " الْمَحْصُولِ "
وَالْآمِدِيَّ فِي " الْإِحْكَامِ " الْإِجْمَاعَ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=20999إمْكَانِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْوُقُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي " شَرْحِ الْعُمَدِ "
لِأَبِي الْحُسَيْنِ عَنْ قَوْمٍ إنْكَارُ إمْكَانِهَا ، فَقَالَ : وَقَدْ أَبَى قَوْمٌ جَوَازَ ذَلِكَ ، وَاخْتَلَفَ تَعْلِيلُهُمْ ، فَعِلَّةُ بَعْضِهِمْ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ إمْكَانِ ذَلِكَ ، وَعِلَّةُ الْآخَرِينَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُمْ مَنَعُوا مَنْ حَسَّنَهُ . ا هـ .
وَمِمَّنْ حَكَى الْخِلَافَ أَيْضًا
ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ " فَقَالَ : وَأَمَّا إمْكَانُ نَقْلِ الْأَسَامِي ، أَوْ نَقْلِهَا مِنْ اللُّغَةِ إلَى الشَّرْعِ فَقَدْ جَوَّزَهُ كَافَّةُ الْعُلَمَاءِ ، وَمَنَعَهُ طَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ ، وَبِنَاءُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ أَنَّ نَقْلَهَا مِنْ اللُّغَةِ إلَى الشَّرْعِ لَا يُؤَدِّي إلَى قَلْبِ الْحَقَائِقِ ، وَعِنْدَهُ يُؤَدِّي . الثَّالِثُ : أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ إمْكَانُهُ فَهُوَ حَسَنٌ وَلَيْسَ بِقَبِيحٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَثَابَةِ النَّسْخِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ نَسْخُهَا وَتَبْدِيلُهَا بِاعْتِبَارِ الْمَصَالِحِ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ حَسَنًا ، فَلَأَنْ يَحْسُنَ ذَلِكَ فِي الْأَسَامِي أَوْلَى . وَقِيلَ : وَإِنْ جَازَ عَقْلًا لَكِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ ; لِأَنَّهُ قَبِيحٌ لِإِفْضَائِهِ إلَى إسْقَاطِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالنَّسْخِ ، ذَكَرَهُ
ابْنُ بَرْهَانٍ .
الرَّابِعُ : إنَّهُ إذَا ثَبَتَ هَذَا فَهَلْ وَقَعَ أَوْ لَا ؟ فِيهِ مَذَاهِبُ : أَحَدُهَا : أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاقِعَةٍ مُطْلَقًا ، سَوَاءٌ الدِّينِيَّةُ وَهِيَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِأُصُولِ
[ ص: 16 ] الدِّينِ كَالْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ ، وَالْفَرْعِيَّةُ وَهِيَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْفُرُوعِ . قَالَ
الْمَازِرِيُّ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ " : وَهُوَ رَأْيُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12604الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ ،
وَالْإِمَامِ أَبِي نَصْرِ بْنِ الْقُشَيْرِيّ ، وَنَقَلَهُ عَنْ أَصْحَابِنَا ، فَقَالَ : وَقَالَ أَصْحَابُنَا : لَمْ يَنْقُلْ الشَّرْعُ شَيْئًا مِنْ الْأَسَامِي اللُّغَوِيَّةِ ، بَلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّمَ الْخَلْقَ بِلِسَانِ
الْعَرَبِ ، وَإِلَى هَذَا مَيْلُ
الْقَاضِي . ا هـ .
وَنَقَلَهُ الْأُسْتَاذ
أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11975الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ الْمَرُّوذِيِّ وَالشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ : أَجْمَعَ أَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ نُقِلَ بِالشَّرْعِ أَسْمَاءٌ كَثِيرَةٌ عَنْ مَعَانِيهَا فِي اللُّغَةِ إلَى مَعَانٍ سِوَاهَا إلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=11975أَبَا حَامِدٍ الْمَرُّوذِيَّ ، فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الْأَسَامِيَ كُلَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مُقْتَضَاهَا فِي اللُّغَةِ قَبْلَ الشَّرْعِ . وَبِهِ قَالَ
أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ ، وَمِثَالُ ذَلِكَ : الْإِيمَانُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى التَّصْدِيقِ ، وَقَدْ صَارَ بِالشَّرْعِ عِنْدَ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ اسْمًا لِجَمِيعِ الطَّاعَاتِ ، وَعِنْدَ
الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ الْآنَ أَيْضًا بِمَعْنَى التَّصْدِيقِ ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ أَسْمَاءٌ لِأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا كَانَ مَفْعُولًا مِنْهَا فِي اللُّغَةِ قَبْلَ الشَّرْعِ عِنْدَنَا ، وَهِيَ عِنْدَ
الْأَشْعَرِيِّ ثَابِتَةٌ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الشَّرْعِ إلَّا أَنَّهَا لَا يَحْتَسِبُ بِهَا إلَّا إذَا أَتَى عَلَى الشُّرُوطِ الَّتِي عَلَّقَتْهَا الشَّرِيعَةُ بِهَا . ا هـ . وَكَذَلِكَ حَكَاهُ عَنْ
الْأَشْعَرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13428الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ فِي جُزْءٍ جَمَعَهُ فِي بَيَانِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ . فَقَالَ : وَاخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةِ الْإِيمَانِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=20993هَلْ نَقَلَتْ الشَّرِيعَةُ أَسْمَاءَ اللُّغَةِ عَنْ مَوْضُوعَاتِهَا إلَى غَيْرِهَا ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إنَّهَا نَقَلَتْ ، وَإِنَّ مِنْ ذَلِكَ الْإِيمَانَ ، فَإِنَّهُ لُغَةً التَّصْدِيقُ ، وَإِنَّمَا قِيلَ فِي الشَّرِيعَةِ لِلطَّاعَاتِ : كُلُّهَا إيمَانٌ ، وَذَلِكَ شَرْعِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَالْوُضُوءُ ، فَجَمْعُهُ مَنْقُولٌ عَنْ اللُّغَةِ .
[ ص: 17 ] وَقَالَ
أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ : إنَّ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا لُغَوِيَّةٌ ، وَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ مِنْهَا شَيْءٌ عَنْ مَوْضُوعِ اللُّغَةِ ، وَأَنْ لَا إيمَانَ إلَّا بِتَصْدِيقٍ ، وَأَنْ لَا تَصْدِيقَ إلَّا بِإِيمَانٍ ، وَقَالَ : إنَّ الصَّلَاةَ لُغَةً : الدُّعَاءُ ، وَالْحَجَّ : الْقَصْدُ ، وَالزَّكَاةَ : النَّمَاءُ ، وَالْوُضُوءَ : النَّظَافَةُ ، وَلَكِنَّ الشَّرْعَ أَتَى بِفِعْلِهَا عَنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ . وَفَرَّقَ
أَبُو الْحَسَنِ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ ، فَقَالَ : كُلُّ إيمَانٍ إسْلَامٌ ، وَلَيْسَ كُلُّ إسْلَامٍ إيمَانًا ، وَقَالَ : إنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ الِاسْتِسْلَامُ وَالِانْقِيَادُ وَالْمُتَابَعَةُ لِلَّهِ فِي طَاعَاتِهِ ، وَالْإِيمَانُ بِهِ ، وَهُوَ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ بِالتَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ ، وَقَالَ : إنَّ الْمُنَافِقَ مُسْلِمٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ ; لِأَنَّهُ مُسْتَسْلِمٌ فِي الظَّاهِرِ غَيْرُ مُصَدِّقٍ فِي الْبَاطِنِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } فَفَرَّقَ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ . ا هـ .
[ النَّافُونَ لِلْحَقِيقَةِ ] ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّافُونَ عَلَى مَذْهَبَيْنِ : أَحَدِهِمَا : أَنَّهَا مُقَرَّةٌ عَلَى حَقَائِقِ اللُّغَاتِ ، لَمْ تُنْقَلْ وَلَمْ يُزَدْ فِي مَعْنَاهَا ، وَنَقَلَهُ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12604الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ . وَالثَّانِي : أَنَّهَا أَقَرَّتْ وَزِيدَ فِي مَعْنَاهَا فِي الشَّرْعِ ، وَنَقَلَاهُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ .
قُلْت : وَهُوَ مَا نَصَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابْنُ فُورَكٍ فِي كِتَابِهِ ، فَقَالَ : وَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَقْلِ الِاسْمِ عَنْ اللُّغَةِ إلَى الشَّرْعِ ، وَإِنَّمَا هُوَ إبَانَةُ مَوْضِعِ مَا أُرِيدَ بِإِيقَاعِهِ فِيهِ ، فَالصَّلَاةُ فِي اللُّغَةِ : مِنْ مَعَانِيهَا الدُّعَاءُ ، وَلَمْ يَخْرُجْ بِالشَّرْعِ عَنْ مَعْنَاهُ ، بَلْ أَتَى بِوَضْعِهِ الَّذِي جُعِلَ فِيهِ ، فَقِيلَ : نَدْعُو عَلَى صِفَةِ كَذَا ، وَلَا يَتَغَيَّرُ مَعْنَى الِاسْمِ بِذَلِكَ . ا هـ .
[ ص: 18 ] وَيَخْرُجُ مِنْ أَدِلَّتِهِمْ مَذْهَبٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ التَّفْضِيلُ بَيْنَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالِاسْمِ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ عَنْ مَعْنَاهُ ; لِأَنَّ النَّقْلَ يُؤَدِّي إلَى تَغْيِيرِ الْأَحْكَامِ ، وَبَيْنَ أَنْ لَا ، فَلَا يَمْتَنِعُ ، وَقَدْ سَبَقَ نَقْلُهُ صَرِيحًا فِي الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ قَائِلَهُ يَطْرُدُهُ هُنَا . الْمَذْهَبُ الثَّانِي : أَنَّهَا وَاقِعَةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ الْفُقَهَاءِ
وَالْمُعْتَزِلَةِ كَمَا قَالَهُ
أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " ، وَحَكَاهُ
ابْنُ بَرْهَانٍ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ أَكْثَرِ
الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ ، وَصَحَّحَهُ ،