[ ص: 43 ] ، لغوي وشرعي وعرفي ، فالشرعي والعرفي يجيء فيهما الخلاف السابق في الحقيقة الشرعية والعرفية . وأما اللغوي فالمجاز واقع في اللغة خلافا مسألة إذا قلنا : إنه موضوع ، انقسم كالحقيقة إلى ثلاثة أقسام للأستاذ أبي إسحاق حيث قال : لا مجاز فيها ; لأن الحقائق شملت جميع المسميات ، فلا حاجة إلى التجوز . قال إمام الحرمين في " التلخيص " : والظن بالأستاذ أنه لا يصح عنه ، وإن أراد أهل اللغة لم يسموه بذلك بل اسمه مع قرينة حقيقة فممنوع ، فإن كتبهم مشحونة بتلقيبه مجازا ، ولو صح كون المجموع حقيقة لم يقدح في تسميتهم الاسم بانفراده مجازا ، وقيل : الخلاف لفظي ; إذ هو لا ينكر استعمال الأسد للشجاع وأمثاله ، بل يشترط في ذلك القرينة ، ويسميه حينئذ حقيقة ، ولكن ينكر تسميته مجازا قاله إلكيا الطبري . وقال الغزالي في " المنخول " : لعل الأستاذ أراد أنه ليس بثابت ثبوت الحقيقة ، ولا يظن بالأستاذ إنكار الاستعارات مع كثرتها ، ثم قال في باب التأويل : " مسألة " قال الأستاذ أبو إسحاق : الظاهر هو المجاز ، والنص هو الحقيقة ورب مجاز هو نص ، كقولنا : الخمر محرمة ، والتحريم لا يتعلق [ ص: 44 ] بالخمر حقيقة ، كقوله تعالى : { والحافظات } بعد قوله : { والحافظين فروجهم } مجاز في حفظ الفرج على الخصوص ، وهو نص في مقصوده ، فالوجه أن يقال : الظاهر ما يغلب على الظن فهم معنى منه ا هـ . . فلينظر في مطابقة هذا النقل للمنقول منه هنا . ورأيت بخط في فوائد رحلته أن ابن الصلاح أبا القاسم بن كج حكى عن إنكار المجاز كقول أبي علي الفارسي الأستاذ ، وهو غريب ، عكس مقالة تلميذه ، وفيه نظر ، فإن تلميذه ابن جني أبا الفتح بن جني أعرف بمذهبه ، وقد نقل عنه في كتاب " الخصائص " عكس هذه المقالة : أن المجاز غالب اللغات كما هو مذهب ، وقال : فإن قلت : فقد أحال ابن جني قولنا : شربت ماء البحر ، وهذا منع منه لوقوع المجاز . سيبويه قلت : الذي منعه حقيقة لامتناع تصوره ذلك ، أما إذا أريد البعض فلا شك في جوازه . سيبويه
[ ص: 45 ] تنبيه لم يبينوا الكلام في هذه المسألة هل هو في الوجوب والامتناع ، أو في الجواز كما هو في المشترك والمرادف ؟ وظاهر دليل الأستاذ أنه في الامتناع لاحتجاجه فإنه مخل بالتفاهم ، وهذا يناسب المنع .