[ ص: 286 ] وعبارة
أبي الحسين بن القطان : اختلف أصحابنا
nindex.php?page=treesubj&link=21051_21057فيما قام الدليل على عدم وجوبه من هذه الصيغ هل يسمى أمرا على قولين . انتهى . وفي كتاب المصادر " عن
الشريف المرتضى أنها حقيقة في طلب الفعل والإباحة والتهديد والتحذير ، وقد اختلفوا في ذلك على بضعة عشر قولا : الأول : أنها حقيقة في الوجوب فقط مجاز في البواقي ، وهو قول الفقهاء وجماعة
المتكلمين ، ونقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . قاله
إمام الحرمين في التلخيص " . أما
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فقد ادعى كل من أهل هذه المذاهب أنه على وفاقه ، وتمسكوا بعبارات متفرقة في كتبه حتى اعتصم
القاضي بألفاظ له من كتبه ، واستنبط منها مصيره إلى الوقف ، وهذا عدول عن سنن الإنصاف ، فإن الظاهر والمأثور من مذهبه حمل الأمر على الوجوب . وقال
ابن القشيري : إنه مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد الإسفراييني : وهذا الذي ذكرناه من أن الأمر بمجرده يحمل على الوجوب هو الظاهر من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فإنه قال في الرسالة " : وما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على التحريم حتى تأتي دلالة تدل على [ غير ] ذلك ، ثم قال يعني :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بعد ذلك بكلام كثير : ويحتمل أن يكون الأمر كالنهي وأنهما على الوجوب إلى أن يدل دليل على خلاف ذلك ، فقد قطع القول في النهي أنه على التحريم وسوى بين الأمر في ظاهر كلامه والثاني . وذكر
أبو علي الوجوب إلا أنه لم يصرح بذلك في الأمر كتصريحه إياه في النهي . فجملته : أن ظاهر مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن الأمر بمجرده على الوجوب إلى أن يدل دليل على خلافه ، وهو قول أكثر أصحابنا منهم
أبو العباس وأبو سعيد وابن خيران وغيرهم ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وجمهور الفقهاء . انتهى .
[ ص: 287 ] قلت : الذي يقتضيه كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن النهي للتحريم قولا واحدا حتى يرد ما يصرفه ، وأن له في الأمر قولين أرجحهما : أنه مشترك بين الثلاثة أعني الإباحة والوجوب . الثاني : أنه للوجوب ، وهو الأقوى دليلا فإنه قال في : أحكام القرآن " فيما جاء من أمر النكاح قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه على قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وأنكحوا الأيامى منكم } : والأمر في الكتاب والسنة وكلام الناس يحتمل معاني : أحدها : أن يكون الله عز وجل حرم شيئا ثم أباحه ، كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وإذا حللتم فاصطادوا } وأن يكون دلهم على ما فيه رشدهم كقوله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62388سافروا تصحوا } وأن يكون حتما ، وفي كل حتم من الله الرشد فيجتمع الحتم والرشد . وقال بعض أهل العلم : الأمر كله للإباحة حتى توجد دلالة من الكتاب أو السنة أو الإجماع على أنه أريد به الحتم فيكون فرضا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وما نهى الله أو رسوله عنه محرم حتى توجد الدلالة على أن النهي على غير التحريم ، وإنما أريد به الإرشاد أو تنزها أو تأدبا .
والفرق بين الأمر والنهي من قوله صلى الله عليه وسلم {
إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وما نهيتكم عنه فانتهوا } ، ويحتمل أن يكون الأمر في معنى النهي فيكونان لازمين إلا بدلالة أنهما غير لازمين . انتهى . وقال
الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع " ،
وابن برهان في الوجيز " : هو حقيقة في الوجوب عند الفقهاء واختاره
الإمام [ ص: 288 ] وأتباعه . قال
الشيخ أبو إسحاق : وهو الذي أملاه
الشيخ أبو الحسن على أصحاب
الشيخ أبي إسحاق المروزي ببغداد ، وقال
الأستاذ أبو إسحاق : إنه لا يجوز غيره ، في تركه دفع الشريعة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب : إنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وكافة أصحابه وقال في الملخص " : هو قول أصحابنا وأكثر الحنفية والشافعية والأقلين من الأصوليين ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14330أبو بكر الرازي ، هو مذهب أصحابنا ، وإليه كان يذهب شيخنا
nindex.php?page=showalam&ids=15071أبو الحسن الكرخي ، وقال
أبو زيد الدبوسي : هو قول جمهور العلماء ثم ظاهر إطلاقهم أنا نقطع بأنه للوجوب .
وقال
المازري : بل ظاهر فيه مع احتمال غيره لكن الوجوب أظهر ، وهل ذلك بوضع اللغة أو الشرع ؟ فقيل : اللغة : وصححه
أبو إسحاق ونقله
إمام الحرمين في مختصر التقريب " عن الأكثرين من القائلين باقتضاء الصيغة للوجوب ، وأنه كذلك بأصل الوضع ; لأنه قد ثبت في إطلاق أهل اللغة تسمية من قد خالف مطلق الأمر عاصيا وتوبيخه بالعصيان عند مجرد ذكر الأمر ، واقتضى ذلك دلالة الأمر المطلق على الوجوب . وقال
المازري : صرح بعض أصحابنا بأن الوعيد مستفاد من اللفظ كما يستفاد منه الاقتضاء الجازم . وقيل بوضع الشرع ، وحكاه صاحب المصادر " عن
الشريف المرتضى واختاره . وقيل بضم الشرع إلى الفقه ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبي حامد الإسفراييني فيما حكاه
المازري في شرح البرهان " واختاره
إمام الحرمين أيضا ، ونزل
[ ص: 289 ] عليه كلام
عبد الجبار ، وهو المختار فإن الوعيد لا يستفاد من اللفظ بل هو أمر خارجي عنه .
وعن المستوعب "
للقيرواني حكاية قول رابع أنه يدل بالعقل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11815الشيخ أبو إسحاق : وفائدة الوجهين في الاقتضاء باللغة أو بالشرع أنا إن قلنا : يقتضيه من حيث اللغة وجب حمل الأمر على الوجوب سواء كان من الشارع أو غيره إلا ما خرج بدليل . وإن قلنا : من حيث الشرع كان الوجوب مقصورا على أوامر صاحب الشرع . حكاه بعض شراح اللمع " . وأغرب صاحب المصادر " فحكى عن الأكثرين أنه يقتضي الوجوب بمجرده ، ثم حكى قولا آخر أنه يقتضي الإيجاب . قال : والفرق بينهما أن من قال يقتضي الوجوب أراد به أنه يدل على وجوبه لا أنه يؤثر في وجوبه ، ومن قال : يقتضي الإيجاب أراد به أنه بالأمر يصير الفعل واجبا ، ويؤثر في وجوبه . والثاني : أنها حقيقة في الندب وهو قول كثير من
المتكلمين منهم
nindex.php?page=showalam&ids=12187أبو هاشم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد : إنه قول
المعتزلة بأسرها ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف في الواضح " : هو أظهر قولي
أبي علي ، وإليه ذهب
عبد الجبار ، وربما نسب
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب : كلامه في أحكام القرآن " يدل عليه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11815الشيخ أبو إسحاق : وحكاه الفقهاء عن
المعتزلة ، وليس هو مذهبهم
[ ص: 290 ] على الإطلاق بل ذلك بواسطة أن الأمر عندهم يقتضي الإرادة ، والحكيم لا يريد إلا الحسن ، والحسن ينقسم إلى واجب وندب ، فيحمل على المحقق وهو الندب ، فليست الصيغة عندهم مقتضية للندب إلا على هذا التقدير .
وقال
إمام الحرمين : هذا أقرب إلى حقيقة مذهب القوم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16392الأستاذ أبو منصور : هو قول
المعتزلة ; لأن عندهم أن الأمر يقتضي حسن المأمور به ، وقد يكون الحسن واجبا ، وقد يكون ندبا ، وكونه ندبا يقين ، وفي وجوبه شك فلا يجب إلا بدليل ، وذكر
ابن السمعاني نحوه . والثالث : أنها حقيقة في الإباحة التي هي أدنى المراتب ، وحكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في سننه " عن حكاية
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتاب النكاح ، فقال : وقال بعضهم : الأمر كله على الإباحة ، والدلالة على المرشد حتى توجد الدلالة على أنه أريد بالأمر الحتم ، وما نهى الله عنه فهو محرم حتى توجد الدلالة بأنه على غير التحريم . واحتج له بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ( إذا أمرتكم بأمر ) ثم قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وقد يحتمل أن يكون الأمر في معنى النهي فيكونان لازمين إلا بدلالة أنهما غير لازمين ، ويكون قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23270فأتوا منه ما استطعتم } أن عليهم الإتيان بما استطاعوا ; لأن الناس إنما يلزمون بما استطاعوا . وعلى أهل العلم طلب الدلائل حتى يفرقوا بين الأمر والنهي معا . انتهى .
وقال
الأستاذ أبو إسحاق في شرح الترتيب " : حكي عن بعض أصحابنا أن الأمر للندب وأنه للإباحة ، وهذا لا يعرف عنهم بل المعروف من عصر الصحابة إلى وقتنا هذا أن الأمر على الوجوب ، وإنما هذا قول قوم ليسوا من الفقهاء أدخلوا أنفسهم فيما بين الفقهاء ، كما نسب قوم إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي القول بالتوقف في العموم ، وليس هو مذهبه . انتهى . الرابع : أنها مشتركة بالاشتراك اللفظي بين الوجوب والندب .
[ ص: 291 ] وحكي عن
المرتضى من
الشيعة ، وليس كذلك فقد سبق عن صاحب المصادر " حقيقة مذهبه . وقال
الغزالي : صرح
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتاب أحكام القرآن " بتردد الأمر [ بين ] الوجوب والندب وقد سبق تأويله من كلام
ابن القطان . الخامس : أنها حقيقة في القدر المشترك بينهما ، وهو الطلب لكن يحكم بالوجوب ظاهرا في حق العمل احتياطا دون الاعتقاد ، وبه قال
أبو منصور الماتريدي . السادس : حقيقة إما في الوجوب ، وإما في الندب ، وإما فيهما جميعا بالاشتراك اللفظي لكنا ما ندري ما هو الواقع من هذه الأقسام الثلاثة ، ونعرف أن لا رابع . وحكي عن بعض الواقفية كالشيخ والقاضي ، وحكاه بعضهم عن
ابن سريج وقال : إنه صار إلى التوقف حتى يتبين المراد والتوقف عنده في تعيين المراد عند الاستعمال لا في تعيين الموضوع له ; لأنه عنده موضوع بالاشتراك العقلي للوجوب والندب والإباحة والتهديد .
وذهب
الغزالي وجماعة من المحققين إلى التوقف في تعيين الموضوع له أنه للوجوب فقط ، أو الندب فقط أو مشترك بينهما اشتراكا لفظيا . السابع : مشتركة بين الثلاثة أعني الوجوب والندب والإباحة ، وهل هو بالاشتراك اللفظي أو المعنوي ؟ رأيان . الثامن : أنها مشتركة بين الخمسة ، هذه الثلاثة والكراهة والتحريم . حكاه في المحصول " .
[ ص: 292 ] التاسع : مشتركة بين الوجوب والندب والإباحة والإرشاد والتهديد . حكاه
الغزالي ونسبه
للأشعري nindex.php?page=showalam&ids=14958والقاضي ، وأصحابهما . قال : وعندهم أنها مشتركة بحكم الوضع الأصلي فيكون حقيقة في كل واحد منهما بظاهره ، وإنما يحمل عليه بدليل . وغاير
ابن برهان بين مذهب
الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14958والقاضي . ذهب
الشيخ وأصحابه إلى أن الأمر ليست له صيغة تخصه ، وإنما قول القائل : " افعل " مشترك بين الأمر والنهي والتهديد والتعجيز ، والتكوين لا يحمل على شيء منها إلا بدليل ثم ذكر مذهب
القاضي كما سيأتي . العاشر : أنه حقيقة في الطلب مجاز فيما سواه . قال
الآمدي : وهو الأصح . الحادي عشر : أن أمر الله للوجوب وأمر النبي صلى الله عليه وسلم للندب إلا ما كان موافقا لنص أو مبينا لمجمل . حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب في الملخص " عن شيخه
nindex.php?page=showalam&ids=13658أبي بكر الأبهري ، وكذا حكاه عنه
المازري في شرح البرهان " وقال : إن النقل اختلف عنه ، فروي عنه كذا ، وروي عنه موافقة من قال : إنه للندب على الإطلاق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب في كلامه على الأدلة : وأما ما حكيناه عن
الأبهري فإنه ذكره في شرحه " وهو كالمتروك وكان يستدل على ذلك بأن المسلمين فرقوا بين السنن والفرائض ، فأضافوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على ما قلناه ، وبهذا فارق بيان المجمل من الكتاب ; لأنه ليس بابتداء منه .
[ ص: 293 ] قال : والصحيح هذا الذي كان يقوله آخر أمره ، وأنه لا فرق بين أوامر الله - تعالى - وأوامر رسوله من كون جميعها على الوجوب . الثاني عشر : وحكاه
ابن برهان عن
القاضي وأصحابه : أنه ليست له صيغة تخصه ، وليست مشتركة بين الأمر وغيره ، ولا يدل عند قول القائل : " افعل " على معنى أو مشترك ، وإنما يدل عند انضمام القرينة إليها ، ونزول الصيغة من القرينة منزلة الزاي من زيد لا يدل على تركب من الزاي والياء والدال حينئذ يدل على معنى ، وكذلك قولك : " افعل " بدون القرينة لا يدل على شيء فإذا انضمت القرينة إليه حينئذ دل على المقصود . وقال الشيح
أبو حامد الإسفراييني : ذهب
الأشعري ومن تابعه إلى أن لفظ الأمر لا يدل على وجوب ، ولا غيره ، بمجرده ولا يحمل على شيء إلا بدليل . تنبيهات الأول : قال
أبو الحسين البصري : المسألة ظنية ; لأنها وسيلة إلى العمل فتنتهض فيها الأدلة الظنية ، وقال غيره : قطعية ; إذ هي من قواعد أصول الفقه . وبنى
الصفي الهندي على هذا ، فقال : المطلوب في هذه المسألة إن كان هو القطع فالحق فيها هو التوقف ، وإن كان أعم منه ، وهو الحكم إما على سبيل القطع أو الظن وهو الأشبه ، فالأغلب على الظن أن الحق فيما هو القول بالوجوب .
[ ص: 286 ] وَعِبَارَةُ
أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَطَّانِ : اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا
nindex.php?page=treesubj&link=21051_21057فِيمَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ هَلْ يُسَمَّى أَمْرًا عَلَى قَوْلَيْنِ . انْتَهَى . وَفِي كِتَابِ الْمَصَادِرِ " عَنْ
الشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي طَلَبِ الْفِعْلِ وَالْإِبَاحَةِ وَالتَّهْدِيدِ وَالتَّحْذِيرِ ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى بِضْعَةَ عَشَرَ قَوْلًا : الْأَوَّلُ : أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ فَقَطْ مَجَازٌ فِي الْبَوَاقِي ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَةِ
الْمُتَكَلِّمِينَ ، وَنُقِلَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . قَالَهُ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ " . أَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فَقَدْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ أَنَّهُ عَلَى وِفَاقِهِ ، وَتَمَسَّكُوا بِعِبَارَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فِي كُتُبِهِ حَتَّى اعْتَصَمَ
الْقَاضِي بِأَلْفَاظٍ لَهُ مِنْ كُتُبِهِ ، وَاسْتَنْبَطَ مِنْهَا مَصِيرَهُ إلَى الْوَقْفِ ، وَهَذَا عُدُولٌ عَنْ سُنَنِ الْإِنْصَافِ ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ وَالْمَأْثُورَ مِنْ مَذْهَبِهِ حَمْلُ الْأَمْرِ عَلَى الْوُجُوبِ . وَقَالَ
ابْنُ الْقُشَيْرِيّ : إنَّهُ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11976الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ : وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ بِمُجَرَّدِهِ يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ " : وَمَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ عَلَى التَّحْرِيمِ حَتَّى تَأْتِيَ دَلَالَةٌ تَدُلُّ عَلَى [ غَيْرِ ] ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ يَعْنِي :
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَالنَّهْيِ وَأَنَّهُمَا عَلَى الْوُجُوبِ إلَى أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، فَقَدْ قَطَعَ الْقَوْلَ فِي النَّهْيِ أَنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَسَوَّى بَيْنَ الْأَمْرِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَالثَّانِي . وَذَكَرَ
أَبُو عَلِيٍّ الْوُجُوبَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ فِي الْأَمْرِ كَتَصْرِيحِهِ إيَّاهُ فِي النَّهْيِ . فَجُمْلَتُهُ : أَنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْأَمْرَ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى الْوُجُوبِ إلَى أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ
أَبُو الْعَبَّاسِ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ خَيْرَانَ وَغَيْرُهُمْ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ . انْتَهَى .
[ ص: 287 ] قُلْت : الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ قَوْلًا وَاحِدًا حَتَّى يَرِدَ مَا يَصْرِفُهُ ، وَأَنَّ لَهُ فِي الْأَمْرِ قَوْلَيْنِ أَرْجَحُهُمَا : أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي الْإِبَاحَةَ وَالْوُجُوبَ . الثَّانِي : أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ ، وَهُوَ الْأَقْوَى دَلِيلًا فَإِنَّهُ قَالَ فِي : أَحْكَامِ الْقُرْآنِ " فِيمَا جَاءَ مِنْ أَمْرِ النِّكَاحِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=32وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ } : وَالْأَمْرُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَلَامِ النَّاسِ يَحْتَمِلُ مَعَانِيَ : أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ شَيْئًا ثُمَّ أَبَاحَهُ ، كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا } وَأَنْ يَكُونَ دَلَّهُمْ عَلَى مَا فِيهِ رُشْدُهُمْ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62388سَافِرُوا تَصِحُّوا } وَأَنْ يَكُونَ حَتْمًا ، وَفِي كُلِّ حَتْمٍ مِنْ اللَّهِ الرُّشْدُ فَيَجْتَمِعُ الْحَتْمُ وَالرُّشْدُ . وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : الْأَمْرُ كُلُّهُ لِلْإِبَاحَةِ حَتَّى تُوجَدَ دَلَالَةٌ مِنْ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ الْحَتْمُ فَيَكُونُ فَرْضًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : وَمَا نَهَى اللَّهُ أَوْ رَسُولُهُ عَنْهُ مُحَرَّمٌ حَتَّى تُوجَدَ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَلَى غَيْرِ التَّحْرِيمِ ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الْإِرْشَادُ أَوْ تَنَزُّهًا أَوْ تَأَدُّبًا .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ فَيَكُونَانِ لَازِمَيْنِ إلَّا بِدَلَالَةِ أَنَّهُمَا غَيْرُ لَازِمَيْنِ . انْتَهَى . وَقَالَ
الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ " ،
وَابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْوَجِيزِ " : هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَاخْتَارَهُ
الْإِمَامُ [ ص: 288 ] وَأَتْبَاعُهُ . قَالَ
الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ : وَهُوَ الَّذِي أَمْلَاهُ
الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَصْحَابِ
الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ بِبَغْدَادَ ، وَقَالَ
الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ : إنَّهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ ، فِي تَرْكِهِ دَفْعُ الشَّرِيعَةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14960الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ : إنَّهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَكَافَّةِ أَصْحَابِهِ وَقَالَ فِي الْمُلَخَّصِ " : هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْأَقَلِّينَ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14330أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ ، هُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا ، وَإِلَيْهِ كَانَ يَذْهَبُ شَيْخُنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15071أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ ، وَقَالَ
أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ : هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّهُ لِلْوُجُوبِ .
وَقَالَ
الْمَازِرِيُّ : بَلْ ظَاهِرٌ فِيهِ مَعَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ لَكِنَّ الْوُجُوبَ أَظْهَرُ ، وَهَلْ ذَلِكَ بِوَضْعِ اللُّغَةِ أَوْ الشَّرْعِ ؟ فَقِيلَ : اللُّغَةُ : وَصَحَّحَهُ
أَبُو إِسْحَاقَ وَنَقَلَهُ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ " عَنْ الْأَكْثَرِينَ مِنْ الْقَائِلِينَ بِاقْتِضَاءِ الصِّيغَةِ لِلْوُجُوبِ ، وَأَنَّهُ كَذَلِكَ بِأَصْلِ الْوَضْعِ ; لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي إطْلَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ تَسْمِيَةُ مَنْ قَدْ خَالَفَ مُطْلَقَ الْأَمْرِ عَاصِيًا وَتَوْبِيخُهُ بِالْعِصْيَانِ عِنْدَ مُجَرَّدِ ذِكْرِ الْأَمْرِ ، وَاقْتَضَى ذَلِكَ دَلَالَةَ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْوُجُوبِ . وَقَالَ
الْمَازِرِيُّ : صَرَّحَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ الْوَعِيدَ مُسْتَفَادٌ مِنْ اللَّفْظِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ الِاقْتِضَاءُ الْجَازِمُ . وَقِيلَ بِوَضْعِ الشَّرْعِ ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ " عَنْ
الشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى وَاخْتَارَهُ . وَقِيلَ بِضَمِّ الشَّرْعِ إلَى الْفِقْهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11976الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ فِيمَا حَكَاهُ
الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ " وَاخْتَارَهُ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَيْضًا ، وَنَزَلَ
[ ص: 289 ] عَلَيْهِ كَلَامُ
عَبْدِ الْجَبَّارِ ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ فَإِنَّ الْوَعِيدَ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ اللَّفْظِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ خَارِجِيٌّ عَنْهُ .
وَعَنْ الْمُسْتَوْعِبِ "
لِلْقَيْرَوَانِيِّ حِكَايَةُ قَوْلٍ رَابِعٍ أَنَّهُ يَدُلُّ بِالْعَقْلِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11815الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ : وَفَائِدَةُ الْوَجْهَيْنِ فِي الِاقْتِضَاءِ بِاللُّغَةِ أَوْ بِالشَّرْعِ أَنَّا إنْ قُلْنَا : يَقْتَضِيهِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ وَجَبَ حَمْلُ الْأَمْرِ عَلَى الْوُجُوبِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الشَّارِعِ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ . وَإِنْ قُلْنَا : مِنْ حَيْثُ الشَّرْعِ كَانَ الْوُجُوبُ مَقْصُورًا عَلَى أَوَامِرِ صَاحِبِ الشَّرْعِ . حَكَاهُ بَعْضُ شُرَّاحِ اللُّمَعِ " . وَأَغْرَبَ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ " فَحَكَى عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ بِمُجَرَّدِهِ ، ثُمَّ حَكَى قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ . قَالَ : وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَنْ قَالَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ لَا أَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِهِ ، وَمَنْ قَالَ : يَقْتَضِي الْإِيجَابَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ بِالْأَمْرِ يَصِيرُ الْفِعْلُ وَاجِبًا ، وَيُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِهِ . وَالثَّانِي : أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي النَّدْبِ وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ
الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=12187أَبُو هَاشِمٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11976الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ : إنَّهُ قَوْلُ
الْمُعْتَزِلَةِ بِأَسْرِهَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ فِي الْوَاضِحِ " : هُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيْ
أَبِي عَلِيٍّ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
عَبْدُ الْجَبَّارِ ، وَرُبَّمَا نُسِبَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14960الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ : كَلَامُهُ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ " يَدُلُّ عَلَيْهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11815الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ : وَحَكَاهُ الْفُقَهَاءُ عَنْ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَلَيْسَ هُوَ مَذْهَبَهُمْ
[ ص: 290 ] عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ أَنَّ الْأَمْرَ عِنْدَهُمْ يَقْتَضِي الْإِرَادَةَ ، وَالْحَكِيمُ لَا يُرِيدُ إلَّا الْحَسَنَ ، وَالْحَسَنُ يَنْقَسِمُ إلَى وَاجِبٍ وَنَدْبٍ ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُحَقَّقِ وَهُوَ النَّدْبُ ، فَلَيْسَتْ الصِّيغَةُ عِنْدَهُمْ مُقْتَضِيَةً لِلنَّدَبِ إلَّا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ .
وَقَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : هَذَا أَقْرَبُ إلَى حَقِيقَةِ مَذْهَبِ الْقَوْمِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16392الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ : هُوَ قَوْلُ
الْمُعْتَزِلَةِ ; لِأَنَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي حُسْنَ الْمَأْمُورِ بِهِ ، وَقَدْ يَكُونُ الْحُسْنُ وَاجِبًا ، وَقَدْ يَكُونُ نَدْبًا ، وَكَوْنُهُ نَدْبًا يَقِينٌ ، وَفِي وُجُوبِهِ شَكٌّ فَلَا يَجِبُ إلَّا بِدَلِيلٍ ، وَذَكَرَ
ابْنُ السَّمْعَانِيِّ نَحْوَهُ . وَالثَّالِثُ : أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْإِبَاحَةِ الَّتِي هِيَ أَدْنَى الْمَرَاتِبِ ، وَحَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ " عَنْ حِكَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ ، فَقَالَ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْأَمْرُ كُلُّهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى الْمُرْشَدِ حَتَّى تُوجَدَ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْأَمْرِ الْحَتْمُ ، وَمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ مُحَرَّمٌ حَتَّى تُوجَدَ الدَّلَالَةُ بِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ التَّحْرِيمِ . وَاحْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ( إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ ) ثُمَّ قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ فَيَكُونَانِ لَازِمَيْنِ إلَّا بِدَلَالَةِ أَنَّهُمَا غَيْرُ لَازِمَيْنِ ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23270فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ } أَنَّ عَلَيْهِمْ الْإِتْيَانَ بِمَا اسْتَطَاعُوا ; لِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يُلْزَمُونَ بِمَا اسْتَطَاعُوا . وَعَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ طَلَبُ الدَّلَائِلِ حَتَّى يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مَعًا . انْتَهَى .
وَقَالَ
الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ " : حُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدَبِ وَأَنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ ، وَهَذَا لَا يُعْرَفُ عَنْهُمْ بَلْ الْمَعْرُوفُ مِنْ عَصْرِ الصَّحَابَةِ إلَى وَقْتِنَا هَذَا أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى الْوُجُوبِ ، وَإِنَّمَا هَذَا قَوْلُ قَوْمٍ لَيْسُوا مِنْ الْفُقَهَاءِ أَدْخَلُوا أَنْفُسَهُمْ فِيمَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ ، كَمَا نَسَبَ قَوْمٌ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ الْقَوْلَ بِالتَّوَقُّفِ فِي الْعُمُومِ ، وَلَيْسَ هُوَ مَذْهَبَهُ . انْتَهَى . الرَّابِعُ : أَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ .
[ ص: 291 ] وَحُكِيَ عَنْ
الْمُرْتَضَى مِنْ
الشِّيعَةِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ سَبَقَ عَنْ صَاحِبِ الْمَصَادِرِ " حَقِيقَةُ مَذْهَبِهِ . وَقَالَ
الْغَزَالِيُّ : صَرَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ " بِتَرَدُّدِ الْأَمْرِ [ بَيْنَ ] الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَقَدْ سَبَقَ تَأْوِيلُهُ مِنْ كَلَامِ
ابْنِ الْقَطَّانِ . الْخَامِسُ : أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا ، وَهُوَ الطَّلَبُ لَكِنْ يُحْكَمُ بِالْوُجُوبِ ظَاهِرًا فِي حَقِّ الْعَمَلِ احْتِيَاطًا دُونَ الِاعْتِقَادِ ، وَبِهِ قَالَ
أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ . السَّادِسُ : حَقِيقَةٌ إمَّا فِي الْوُجُوبِ ، وَإِمَّا فِي النَّدْبِ ، وَإِمَّا فِيهِمَا جَمِيعًا بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ لَكِنَّا مَا نَدْرِي مَا هُوَ الْوَاقِعُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ ، وَنَعْرِفُ أَنْ لَا رَابِعَ . وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْوَاقِفِيَّةِ كَالشَّيْخِ وَالْقَاضِي ، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ
ابْنِ سُرَيْجٍ وَقَالَ : إنَّهُ صَارَ إلَى التَّوَقُّفِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْمُرَادُ وَالتَّوَقُّفُ عِنْدَهُ فِي تَعْيِينِ الْمُرَادِ عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ لَا فِي تَعْيِينِ الْمَوْضُوعِ لَهُ ; لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مَوْضُوعٌ بِالِاشْتِرَاكِ الْعَقْلِيِّ لِلْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَالتَّهْدِيدِ .
وَذَهَبَ
الْغَزَالِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ إلَى التَّوَقُّفِ فِي تَعْيِينِ الْمَوْضُوعِ لَهُ أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ فَقَطْ ، أَوْ النَّدْبِ فَقَطْ أَوْ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا . السَّابِعُ : مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي الْوُجُوبَ وَالنَّدْبَ وَالْإِبَاحَةَ ، وَهَلْ هُوَ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ أَوْ الْمَعْنَوِيِّ ؟ رَأْيَانِ . الثَّامِنُ : أَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْخَمْسَةِ ، هَذِهِ الثَّلَاثَةُ وَالْكَرَاهَةُ وَالتَّحْرِيمُ . حَكَاهُ فِي الْمَحْصُولِ " .
[ ص: 292 ] التَّاسِعُ : مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْإِرْشَادِ وَالتَّهْدِيدِ . حَكَاهُ
الْغَزَالِيُّ وَنَسَبَهُ
لِلْأَشْعَرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14958وَالْقَاضِي ، وَأَصْحَابِهِمَا . قَالَ : وَعِنْدَهُمْ أَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بِحُكْمِ الْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ فَيَكُونُ حَقِيقَةً فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِظَاهِرِهِ ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ بِدَلِيلٍ . وَغَايَرَ
ابْنُ بَرْهَانٍ بَيْنَ مَذْهَبِ
الشَّيْخِ nindex.php?page=showalam&ids=14958وَالْقَاضِي . ذَهَبَ
الشَّيْخُ وَأَصْحَابُهُ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَتْ لَهُ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ ، وَإِنَّمَا قَوْلُ الْقَائِلِ : " افْعَلْ " مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّهْدِيدِ وَالتَّعْجِيزِ ، وَالتَّكْوِينُ لَا يُحْمَلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا بِدَلِيلٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَذْهَبَ
الْقَاضِي كَمَا سَيَأْتِي . الْعَاشِرُ : أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الطَّلَبِ مَجَازٌ فِيمَا سِوَاهُ . قَالَ
الْآمِدِيُّ : وَهُوَ الْأَصَحُّ . الْحَادِيَ عَشَرَ : أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ لِلْوُجُوبِ وَأَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّدَبِ إلَّا مَا كَانَ مُوَافِقًا لِنَصٍّ أَوْ مُبَيِّنًا لِمُجْمَلٍ . حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14960الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ " عَنْ شَيْخِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13658أَبِي بَكْرٍ الْأَبْهَرِيِّ ، وَكَذَا حَكَاهُ عَنْهُ
الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ " وَقَالَ : إنَّ النَّقْلَ اخْتَلَفَ عَنْهُ ، فَرُوِيَ عَنْهُ كَذَا ، وَرُوِيَ عَنْهُ مُوَافَقَةُ مَنْ قَالَ : إنَّهُ لِلنَّدَبِ عَلَى الْإِطْلَاقِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14960الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْأَدِلَّةِ : وَأَمَّا مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ
الْأَبْهَرِيِّ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ " وَهُوَ كَالْمَتْرُوكِ وَكَانَ يُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ ، فَأَضَافُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا قُلْنَاهُ ، وَبِهَذَا فَارَقَ بَيَانَ الْمُجْمَلِ مِنْ الْكِتَابِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِابْتِدَاءٍ مِنْهُ .
[ ص: 293 ] قَالَ : وَالصَّحِيحُ هَذَا الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ آخِرَ أَمْرِهِ ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَوَامِرِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَأَوَامِرِ رَسُولِهِ مِنْ كَوْنِ جَمِيعِهَا عَلَى الْوُجُوبِ . الثَّانِيَ عَشَرَ : وَحَكَاهُ
ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ
الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ : أَنَّهُ لَيْسَتْ لَهُ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ ، وَلَيْسَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ ، وَلَا يَدُلُّ عِنْدَ قَوْلِ الْقَائِلِ : " افْعَلْ " عَلَى مَعْنًى أَوْ مُشْتَرَكٍ ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عِنْدَ انْضِمَامِ الْقَرِينَةِ إلَيْهَا ، وَنُزُولُ الصِّيغَةِ مِنْ الْقَرِينَةِ مَنْزِلَةَ الزَّايِ مِنْ زَيْدٍ لَا يَدُلُّ عَلَى تَرَكُّبٍ مِنْ الزَّايِ وَالْيَاءِ وَالدَّالِ حِينَئِذٍ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى ، وَكَذَلِكَ قَوْلُك : " افْعَلْ " بِدُونِ الْقَرِينَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ فَإِذَا انْضَمَّتْ الْقَرِينَةُ إلَيْهِ حِينَئِذٍ دَلَّ عَلَى الْمَقْصُودِ . وَقَالَ الشَّيْحُ
أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ : ذَهَبَ
الْأَشْعَرِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ إلَى أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبٍ ، وَلَا غَيْرِهِ ، بِمُجَرَّدِهِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى شَيْءٍ إلَّا بِدَلِيلٍ . تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ : قَالَ
أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ : الْمَسْأَلَةُ ظَنِّيَّةٌ ; لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ إلَى الْعَمَلِ فَتَنْتَهِضُ فِيهَا الْأَدِلَّةُ الظَّنِّيَّةُ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : قَطْعِيَّةٌ ; إذْ هِيَ مِنْ قَوَاعِدِ أُصُولِ الْفِقْهِ . وَبَنَى
الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ عَلَى هَذَا ، فَقَالَ : الْمَطْلُوبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنْ كَانَ هُوَ الْقَطْعَ فَالْحَقُّ فِيهَا هُوَ التَّوَقُّفُ ، وَإِنْ كَانَ أَعَمَّ مِنْهُ ، وَهُوَ الْحُكْمُ إمَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ أَوْ الظَّنِّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ ، فَالْأَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْحَقَّ فِيمَا هُوَ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ .