القاعدة العاشرة
nindex.php?page=treesubj&link=24967إعمال الكلام أولى من إهماله
من فروعه : ما لو
nindex.php?page=treesubj&link=26836_24967_14285أوصى بطبل ، وله طبل لهو ، وطبل حرب صح ، وحمل على الجائز ، نص عليه .
وألحق به
nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين : ما لو كان له زق خمر ، وزق خل ، فأوصى بأحدهما صح ، وحمل على الخل .
ومنها : لو
nindex.php?page=treesubj&link=11706_11710قال لزوجته وحمار : أحدكما طالق ، فإنها تطلق ، بخلاف ما لو قال ذلك لها ، ولأجنبية . وقصد الأجنبية . يقبل في الأصح . لكون الأجنبية من حيث الجملة قابلة .
ومنها : لو
nindex.php?page=treesubj&link=4262وقف على أولاده ، وليس له إلا أولاد أولاد . حمل عليهم . كما جزم به
الرافعي . لتعذر الحقيقة . وصونا للفظ عن الإهمال .
ونظيره : ما لو قال :
nindex.php?page=treesubj&link=11710زوجاتي طوالق . وليس له إلا رجعيات طلقن قطعا ، وإن كان في دخول الرجعية في ذلك مع الزوجات خلاف .
[ ص: 129 ] ومنها :
nindex.php?page=treesubj&link=27330قال لزوجته : إن دخلت الدار أنت طالق ، بحذف الفاء ، فإن الطلاق لا يقع قبل الدخول . صونا للفظ عن الإهمال .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن ، صاحب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : يقع ، لعدم صلاحية اللفظ للجزاء ، بسبب عدم الفاء ، فحمل على الاستئناف . ونقل
الرافعي : عدم الوقوع عن جماعة ، ثم نقل عن
البوشنجي : أنه يسأل ، فإن قال : أردت التنجيز ، حكم به .
قال
الإسنوي : وما قاله
البوشنجي لا إشكال فيه ، إلا أنه يشعر بوجوب سؤاله . ومنها : قال لزوجته في
مصر : أنت طالق في
مكة ، ففي
الرافعي ، عن
البويطي : أنها تطلق في الحال ، وتبعه في الروضة .
قال
الإسنوي : وسببه : أن المطلقة في بلد مطلقة في باقي البلاد .
قال : لكن رأيت في طبقات
العبادي ، عن
البويطي : أنها لا تطلق ، حتى تدخل
مكة .
قال : وهو متجه ، فإن حمل الكلام على فائدة أولى من إلغائه .
قال : وقد ذكر
الرافعي قبل ذلك بقليل ، عن
إسماعيل البوشنجي مثله ، وأقره عليه . ومنها : وقع في فتاوى
السبكي : أن
nindex.php?page=treesubj&link=4247_4328_4256_4254رجلا وقف عليه ، ثم على أولاده ، ثم على أولادهم ونسله ، وعقبه ، ذكرا وأنثى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين } على أن من توفي منهم عن ولد أو نسل ، عاد ما كان جاريا عليه من ذلك على ولده ، ثم على ولد ولده ، ثم على نسله على الفريضة ، وعلى أن من توفي من غير نسل ، عاد ما كان جاريا عليه ; على من في درجته من أهل الوقف المذكور ، يقدم الأقرب إليه فالأقرب ، ويستوي الأخ الشقيق والأخ من الأب .
nindex.php?page=treesubj&link=4316ومن مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء من منافع الوقف ، وترك ولدا ، أو أسفل منه استحق ما كان يستحقه المتوفى ، لو بقي حيا إلى أن يصير إليه شيء من منافع الوقف المذكور ، وقام في الاستحقاق مقام المتوفى ، فإذا انقرضوا ، فعلى الفقراء .
وتوفي الموقوف عليه وانتقل الوقف . إلى ولديه : أحمد ، وعبد القادر ، ثم توفي عبد القادر ، وترك ثلاثة أولاد ، هم علي ، وعمر ولطيفة ، وولدي ابنه محمد ، المتوفى في حياة والده . وهما : عبد الرحمن ، وملكة ، ثم توفي عمر عن غير نسل ، ثم توفيت لطيفة ، وتركت بنتا . تسمى فاطمة ، ثم توفي علي وترك بنتا تسمى : زينب ، ثم توفيت فاطمة بنت لطيفة من غير نسل ، فإلى من ينتقل نصيب فاطمة المذكورة ؟ فأجاب : الذي يظهر لي الآن أن نصيب عبد القادر جميعه ، يقسم هذا الوقف على ستين جزءا لعبد الرحمن منه : اثنان وعشرون ; ولملكة : أحد عشر ولزينب :
[ ص: 130 ] سبعة وعشرون ، ولا يستمر هذا الحكم في أعقابهما ، بل كل وقت بحسبه .
قال : وبيان ذلك : أن
nindex.php?page=showalam&ids=14603عبد القادر لما توفي انتقل نصيبه إلى أولاده الثلاثة وهم :
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ولطيفة : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين } :
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي : خمساه ،
nindex.php?page=showalam&ids=2ولعمر : خمساه ، وللطيفة خمسه ، هذا هو الظاهر عندنا .
ويحتمل أن يقال : يشاركهم
عبد الرحمن ، وملكة " ولدا
محمد المتوفى في حياة أبيه ، ونزلا منزلة أبيهما " فيكون لهما : السبعان .
nindex.php?page=showalam&ids=8ولعلي : السبعان .
nindex.php?page=showalam&ids=2ولعمر السبعان ، وللطيفة سبع .
وهذا وإن كان محتملا ، فهو مرجوح عندنا ; لأن الممكن في مأخذه ثلاثة أمور : أحدها : أن مقصود الواقف : أن لا يحرم أحد من ذريته ، وهذا ضعيف لأن المقاصد إذا لم يدل عليها اللفظ ، لا يعتبر .
الثاني : إدخالهم في الحكم ، وجعل الترتيب بين كل أصل وفرعه ، لا بين الطبقتين جميعا . وهذا محتمل ، لكنه خلاف الظاهر .
وقد كنت ملت إليه مرة في وقف ، للفظ اقتضاه فيه ، لست أعمه في كل ترتيب .
الثالث : الاستناد إلى قول الواقف " إن مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء ، قام ولده مقامه " وهذا أقوى . لكنه إنما يتم لو صدق على المتوفى في حياة والده : أنه من أهل الوقف .
وهذه مسألة كان قد وقع مثلها في
الشام قبل التسعين وستمائة ، وطلبوا فيها نقلا . فلم يجدوه ، فأرسلوا إلى الديار المصرية يسألون عنها .
ولا أدري ما أجابوهم . لكني رأيت بعد ذلك في كلام الأصحاب : فيما إذا وقف على أولاده . على أن من مات منهم انتقل نصيبه إلى أولاده . ومن مات ، ولا ولد له ، انتقل إلى الباقين من أهل الوقف ، فمات واحد عن ولد انتقل نصيبه إليه ، فإذا مات آخر عن غير ولد انتقل نصيبه إلى أخيه ، وابن أخيه ; لأنه صار من أهل الوقف .
فهذا التعليل يقتضي : أنه إنما صار من أهل الوقف بعد موت والده فيقتضي أن ابن عبد القادر ، المتوفى في حياة والده ، ليس من أهل الوقف ، وأنه إنما يصدق عليه اسم أهل الوقف ، إذا آل إليه الاستحقاق .
قال : ومما يتنبه له أن بين " أهل الوقف " و " الموقوف عليه " عموما وخصوصا من وجه ، فإذا وقف مثلا على زيد ، ثم عمرو ، ثم أولاده ، فعمرو موقوف عليه في حياة زيد لأنه معين قصده الواقف بخصوصه . وسماه وعينه . وليس من أهل الوقف ، حتى يوجد شرط استحقاقه ، وهو موت زيد . وأولاده إذا آل إليهم الاستحقاق : كل واحد منهم من أهل الوقف ، ولا يقال في كل واحد منهم : إنه موقوف عليه بخصوصه ; لأنه لم
[ ص: 131 ] يعينه الواقف ، وإنما الموقوف عليه : جهة الأولاد ، كالفقراء .
قال : فتبين بذلك أن ابن عبد القادر ، والد عبد الرحمن ، لم يكن من أهل الوقف أصلا ; ولا موقوفا عليه ، لأن الواقف لم ينص على اسمه .
قال : وقد يقال : إن المتوفى في حياة أبيه يستحق أنه لو مات أبوه جرى عليه الوقف فينتقل هذا الاستحقاق إلى أولاده .
قال : وهذا قد كنت في وقت أبحته ، ثم رجعت عنه .
فإن قلت : قد قال الواقف " إن من مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء " فقد سماه من أهل الوقف ، مع عدم استحقاقه ، فيدل على أنه أطلق " أهل الوقف " على من لم يصل إليه الوقف ، فيدخل محمد والد عبد الرحمن ، وملكة في ذلك ، فيستحقان . ونحن إنما نرجع في الأوقاف إلى ما يدل عليه لفظ واقفها ، سواء وافق ذلك عرف الفقهاء أم لا .
قلت : لا نسلم مخالفة ذلك لما قلناه . أما أولا فلأنه لم يقل " قبل استحقاقه " وإنما قال قبل استحقاقه لشيء ، فيجوز أن يكون قد استحق شيئا صار به من أهل الوقف ، ويترقب استحقاقا من آخر فيموت قبله ، فنص الواقف على أن ولده يقوم مقامه في ذلك الشيء الذي لم يصل إليه .
ولو سلمنا أنه قال : " قبل استحقاقه " فيحتمل أن يقال : إن الموقوف عليه ، أو البطن الذي بعده ، وإن وصل إليه الاستحقاق . أعني أنه صار من أهل الوقف : قد يتأخر استحقاقه ، إما لأنه مشروط بمدة : كقوله : في كل سنة كذا ، فيموت في أثنائها أو ما أشبه ذلك فيصح أن يقال : إن هذا من أهل الوقف ، وإلى الآن ما استحق من الغلة شيئا . إما لعدمها ، أو لعدم شرط الاستحقاق ، بمضي زمان ، أو غيره ، فهذا حكم الوقف بعد موت عبد القادر
فلما توفي عمر عن غير نسل انتقل نصيبه إلى أخويه ، عملا بشرط الواقف لمن في درجته فيصير نصيب عبد القادر كله بينهما أثلاثا لعلي : الثلثان ، وللطيفة : الثلث ويستمر حرمان عبد الرحمن وملكة .
فلما ماتت لطيفة انتقل نصيبها ، وهو : الثلث إلى بنتها . ولم ينتقل لعبد الرحمن ، وملكة شيء ، لوجود أولاد عبد القادر ، وهم يحجبونهم ; لأنهم أولاده . وقد قدمهم على أولاد الأولاد ، الذين هم منهم .
فلما توفي علي بن عبد القادر . وخلف بنته زينب . احتمل أن يقال : نصيبه كله ، وهو : ثلثا نصيب عبد القادر لها . عملا بقول الواقف : " من مات منهم عن ولد انتقل نصيبه لولده " . وتبقى هي وبنت عمتها مستوعبتين لنصيب جدهما . لزينب : ثلثاه . ولفاطمة " ثلثه .
[ ص: 132 ] واحتمل أن يقال : إن نصيب عبد القادر كله يقسم الآن على أولاده ، عملا بقول الواقف : " ثم على أولاده ثم على أولاد أولاده " فقد أثبت لجميع أولاد الأولاد استحقاقا بعد الأولاد . وإنما حجبنا عبد الرحمن وملكة ، وهما من أولاد الأولاد : بالأولاد ، فإذا انقرض الأولاد زال الحجب ، فيستحقان . ويقسم نصيب عبد القادر بين جميع أولاد أولاده ، فلا يحصل لزينب جميع نصيب أبيها . وينقص ما كان بيد فاطمة ، بنت لطيفة وهذا أمر اقتضاه النزول الحادث بانقراض طبقة الأولاد " المستفاد من شرط الواقف : أن أولاد الأولاد بعدهم .
ولا شك أن فيه مخالفة لظاهر قوله " إن من مات فنصيبه لولده " فإن ظاهره يقتضي أن نصيب علي لبنته زينب . واستمرار نصيب لطيفة لبنتها فاطمة ، فخالفناه بهذا العمل فيهما جميعا ، ولو لم نخالف ذلك ، لزمنا مخالفة قول الواقف : " إن بعد الأولاد يكون لأولاد الأولاد " ، وظاهره يشمل الجميع .
فهذان الظاهران تعارضا ، وهو تعارض قوي صعب . ليس في هذا الوقف محز أصعب منه . وليس الترجيح فيه بالهين بل هو محل نظر الفقيه . وخطر لي فيه طرق :
منها : أن الشرط المقتضي لاستحقاق أولاد الأولاد جميعهم متقدم في كلام الواقف ، والشرط المقتضي لإخراجهم بقوله " من مات انتقل نصيبه لولده " متأخر ، فالعمل بالمتقدم أولى ; لأن هذا ليس من باب النسخ ، حتى يقال : العمل بالمتأخر أولى .
ومنها ; أن ترتيب الطبقات أصل ، وذكر انتقال نصيب الوالد إلى ولده فرع وتفصيل لذلك الأصل ، فكان التمسك بالأصل أولى .
ومنها : أن " من " صيغة عامة ، فقوله " من مات وله ولد " صالح لكل فرد منهم ، ولمجموعهم ، وإذا أريد مجموعهم ، كان انتقال نصيب مجموعهم إلى مجموع الأولاد من مقتضيات هذا الشرط ، فكان إعمالا له من وجه ، مع إعمال الأول ، وإن لم نعمل بذلك كان إلغاء للأول من كل وجه وهو مرجوح .
ومنها : إذا تعارض الأمر بين إعطاء بعض الذرية وحرمانهم ، تعارضا لا ترجيح فيه فالإعطاء أولى ; لأنه لا شك أقرب إلى غرض الواقفين .
ومنها : أن استحقاق زينب لأقل الأمرين وهو الذي يخصها إذا شرك بينها وبين بقية أولاد الأولاد : محقق . وكذا فاطمة ، والزائد على المحقق في حقها : مشكوك فيه ، ومشكوك في استحقاق عبد الرحمن ، وملكة له ، فإذا لم يحصل ترجيح في التعارض بين اللفظين ، يقسم بينهم ، فيقسم بين عبد الرحمن ، وملكة ، وزينب . وفاطمة .
وهل يقسم للذكر مثل حظ الأنثيين ، فيكون لعبد الرحمن : خمساه . ولكل من الإناث : خمسه ، نظرا إليهم ، دون أصولهم ، أو ينظر إلى أصولهم ، فينزلون منزلتهم
[ ص: 133 ] لو كانوا موجودين ، فيكون لفاطمة : خمسه ، ولزينب : خمساه ، ولعبد الرحمن وملكة خمساه ؟ فيه احتمال .
وأنا إلى الثاني أميل . حتى لا يفضل فخذ على فخذ في المقدار ، بعد ثبوت الاستحقاق .
فلما توفيت فاطمة من غير نسل ، والباقون من أهل الوقف : زينب بنت خالها ، وعبد الرحمن وملكة ، ولدا عمها ، وكلهم في درجتها . وجب قسم نصيبها بينهم ، لعبد الرحمن : نصفه ، ولملكة : ربعه ، ولزينب : ربعه .
ولا نقول هنا : ننظر إلى أصولهم ; لأن الانتقال من مساويهم ، ومن هو في درجتهم فكان اعتبارهم بأنفسهم أولى . فاجتمع لعبد الرحمن ، وملكة : الخمسان ، حصلا لهما بموت علي . ونصف وربع الخمس ، الذي لفاطمة ، بينهما بالفريضة ، فلعبد الرحمن خمس ، ونصف خمس ، وثلث خمس . ولملكة : ثلثا خمس وربع خمس . واجتمع لزينب : الخمسان بموت والدها ، وربع خمس فاطمة ، فاحتجنا إلى عدد يكون له خمس . ولخمسه ثلث وربع . وهو ستون ، فقسمنا نصيب عبد القادر عليه . لزينب خمساه وربع خمسه . وهو سبعة وعشرون ولعبد الرحمن : اثنان وعشرون . وهي خمس ونصف خمس وثلث خمس . ولملكة : إحدى عشر وهي ثلثا خمس وربع خمس .
فهذا ما ظهر لي ، ولا أشتهي أحدا من الفقهاء يقلدني . بل ينظر لنفسه ، انتهى كلام
السبكي
قلت : الذي يظهر لي اختياره أولا ، دخول عبد الرحمن وملكة ، بعد موت عبد القادر عملا بقوله " ومن مات من أهل الوقف إلخ " .
وما ذكره
السبكي : من أنه لا يطلق عليه أنه من أهل الوقف : ممنوع . وما ذكره في تأويل قوله " قبل استحقاقه " خلاف الظاهر من اللفظ . وخلاف المتبادر إلى الأفهام .
بل صريح كلام الواقف : أنه أراد بأهل الوقف : الذي مات قبل استحقاقه ، لا الذي لم يدخل في الاستحقاق بالكلية . ولكنه بصدد أن يصل إليه . وقوله " لشيء من منافع الوقف " دليل قوي لذلك ، فإنه نكرة في سياق الشرط . وفي سياق كلام معناه النفي ، فيعم ; لأن المعنى لم يستحق شيئا من منافع الوقف . وهذا صريح في رد التأويل الذي قاله .
ويؤيده أيضا ، قوله : " استحق ما كان يستحقه المتوفى ، لو بقي حيا إلى أن يصير إليه شيء من منافع الوقف " فهذه الألفاظ كلها صريحة في أنه مات قبل الاستحقاق .
وأيضا : لو كان المراد ما قاله
السبكي ، لاستغني عنه بقوله أولا " على أن من مات عن
[ ص: 134 ] ولد عاد ما كان جاريا عليه على ولده " فإنه يغني عنه ولا ينافي هذا اشتراطه الترتيب في الطبقات بثم ; لأن ذاك عام ، خصصه هذا . كما خصصه أيضا قوله " على أن من مات عن ولد " إلى آخره .
وأيضا : فإنا إذا عملنا بعموم اشتراط الترتيب لزم منه إلغاء هذا الكلام بالكلية . وأن لا يعمل في صورة ; لأنه على هذا التقدير : إنما استحق عبد الرحمن وملكة لما استووا في الدرجة ، أخذا من قوله " عاد على من في درجته " فبقي قوله " ومن مات قبل استحقاقه إلخ " مهملا لا يظهر أثره في صورة . بخلاف ما إذا أعملناه ، وخصصنا به عموم الترتيب ، فإن فيه إعمالا للكلامين ، وجمعا بينهما وهذا أمر ينبغي أن يقطع به .
وحينئذ ، فنقول : لما مات عبد القادر قسم نصيبه بين أولاده الثلاثة ، وولدي ولده أسباعا : لعبد الرحمن وملكة : السبعان أثلاثا ، فلما مات عمر ، عن غير نسل ، انتقل نصيبه إلى أخويه وولدي أخيه ، فيصير نصيب عبد القادر كلهم بينهم . لعلي : خمسان وللطيفة : خمس ، ولعبد الرحمن ، وملكة خمسان ، أثلاثا . ولما توفيت لطيفة انتقل نصيبها بكماله لبنتها فاطمة ولما مات علي انتقل نصيبه بكماله لبنته زينب ولما توفيت فاطمة بنت لطيفة والباقون في درجتها زينب وعبد الرحمن وملكة . قسم نصيبها بينهم " للذكر مثل حظ الأنثيين " اعتبارا بهم ، لا بأصولهم . لما ذكر
السبكي : لعبد الرحمن : نصف ولكل بنت ربع ، فاجتمع لعبد الرحمن بموت عمر : خمس وثلث ، وبموت فاطمة : نصف خمس . ولملكة ، بموت عمر : ثلثا خمس ، وبموت فاطمة : ربع خمس . ولزينب بموت علي : خمسان ، وبموت فاطمة : ربع خمس ، فيقسم نصيب عبد القادر ستين جزءا . لزينب : سبعة وعشرون ، وهي خمسان وربع خمس ، ولعبد الرحمن : اثنان وعشرون ، وهي خمس ونصف وثلث . ولملكة : أحد عشر ، وهي ثلثا خمس وربع .
فصحت مما قاله
السبكي ، لكن الفرق تقدم استحقاق عبد الرحمن ، وملكة . والجزم حينئذ بصحة هذه القسمة ،
والسبكي تردد فيها ، وجعلها من باب قسمة المشكوك في استحقاقه ونحن لا نتردد في ذلك .
وسئل
السبكي أيضا : عن
nindex.php?page=treesubj&link=4328_4252رجل وقف على حمزة ، ثم أولاده ، ثم أولادهم وشرط أن من مات من أولاده انتقل نصيبه للمستحقين من إخوته ومن مات قبل استحقاقه . لشيء من منافع الوقف ، وله ولد ، استحق ولده ما كان يستحقه المتوفى ، لو كان حيا .
فمات حمزة ، وخلف ولدين ، وهما عماد الدين ، وخديجة . وولد ولد ، مات أبوه في حياة والده ، وهو : نجم الدين بن مؤيد الدين بن حمزة ، فأخذ الوالدان نصيبهما ، وولد الولد : النصيب الذي لو كان أبوه حيا لأخذه ، ثم ماتت خديجة ، فهل يختص أخوها بالباقي ، أو يشاركه ولد أخيه نجم الدين ؟
[ ص: 135 ] فأجاب : تعارض فيه اللفظان ، فيحتمل المشاركة . ولكن الأرجح اختصاص الأخ ويرجحه : أن التنصيص على الإخوة وعلى المستحقين منهم : كالخاص . وقوله : " ومن مات قبل الاستحقاق " كالعام فيقدم الخاص على العام .
تنبيه :
قال
السبكي ، وولده : محل هذه القاعدة : أن يستوي الإعمال والإهمال بالنسبة إلى الكلام . أما إذا بعد الإعمال عن اللفظ ، وصار بالنسبة إليه كاللغز فلا يصير راجحا ومن ثم : لو
nindex.php?page=treesubj&link=14285_26836_24967أوصى بعود من عيدانه : وله عيدان لهو ، وعيدان قسي ، وبناء . فالأصح بطلان الوصية ، تنزيلا على عيدان اللهو ; لأن اسم العود عند الإطلاق له . واستعماله في غيره مرجوح وليس كالطبل لوقوعه على الجميع وقوعا واحدا . كذا فرق الأصحاب بين المسألتين .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=10906قال : زوجتك فاطمة ، ولم يقل : بنتي : لم يصح على الأصح . لكثرة الفواطم .
الْقَاعِدَةُ الْعَاشِرَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=24967إعْمَالُ الْكَلَام أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ
مِنْ فُرُوعِهِ : مَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=26836_24967_14285أَوْصَى بِطَبْلٍ ، وَلَهُ طَبْلُ لَهْوٍ ، وَطَبْلُ حَرْبٍ صَحَّ ، وَحُمِلَ عَلَى الْجَائِزِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
وَأَلْحَقَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14958الْقَاضِي حُسَيْنٌ : مَا لَوْ كَانَ لَهُ زِقُّ خَمْرٍ ، وَزِقُّ خَلٍّ ، فَأَوْصَى بِأَحَدِهِمَا صَحَّ ، وَحُمِلَ عَلَى الْخَلِّ .
وَمِنْهَا : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=11706_11710قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَحِمَارٍ : أَحَدُكُمَا طَالِقٌ ، فَإِنَّهَا تَطْلُقُ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَهَا ، وَلِأَجْنَبِيَّةٍ . وَقَصَدَ الْأَجْنَبِيَّةَ . يُقْبَلُ فِي الْأَصَحّ . لِكَوْنِ الْأَجْنَبِيَّة مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ قَابِلَةٌ .
وَمِنْهَا : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=4262وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ . حُمِلَ عَلَيْهِمْ . كَمَا جَزَمَ بِهِ
الرَّافِعِيُّ . لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ . وَصَوْنًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِهْمَالِ .
وَنَظِيرُهُ : مَا لَوْ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=11710زَوْجَاتِي طَوَالِقُ . وَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَجْعِيَّاتٌ طُلِّقْنَ قَطْعًا ، وَإِنْ كَانَ فِي دُخُولِ الرَّجْعِيَّةِ فِي ذَلِكَ مَعَ الزَّوْجَاتِ خِلَافٌ .
[ ص: 129 ] وَمِنْهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=27330قَالَ لِزَوْجَتِهِ : إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ ، بِحَذْفِ الْفَاءِ ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ قَبْلَ الدُّخُولِ . صَوْنًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِهْمَالِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، صَاحِبُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ : يَقَعُ ، لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لِلْجَزَاءِ ، بِسَبَبِ عَدَمِ الْفَاءِ ، فَحُمِلَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ . وَنَقَلَ
الرَّافِعِيُّ : عَدَم الْوُقُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ
الْبُوشَنْجِيِّ : أَنَّهُ يُسْأَلُ ، فَإِنْ قَالَ : أَرَدْت التَّنْجِيزَ ، حُكِمَ بِهِ .
قَالَ
الْإِسْنَوِيُّ : وَمَا قَالَهُ
الْبُوشَنْجِيُّ لَا إشْكَالَ فِيهِ ، إلَّا أَنَّهُ يُشْعِرُ بِوُجُوبِ سُؤَالِهِ . وَمِنْهَا : قَالَ لِزَوْجَتِهِ فِي
مِصْرَ : أَنْتِ طَالِقٌ فِي
مَكَّةَ ، فَفِي
الرَّافِعِيِّ ، عَنْ
الْبُوَيْطِيِّ : أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ ، وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ .
قَالَ
الْإِسْنَوِيُّ : وَسَبَبُهُ : أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ فِي بَلَدٍ مُطَلَّقَةٌ فِي بَاقِي الْبِلَادِ .
قَالَ : لَكِنْ رَأَيْت فِي طَبَقَاتِ
الْعَبَّادِيِّ ، عَنْ
الْبُوَيْطِيِّ : أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ ، حَتَّى تَدْخُلَ
مَكَّةَ .
قَالَ : وَهُوَ مُتَّجِهٌ ، فَإِنْ حُمِلَ الْكَلَامُ عَلَى فَائِدَةٍ أَوْلَى مِنْ إلْغَائِهِ .
قَالَ : وَقَدْ ذَكَرَ
الرَّافِعِيُّ قَبْل ذَلِكَ بِقَلِيلٍ ، عَنْ
إسْمَاعِيلَ الْبُوشَنْجِيِّ مِثْلَهُ ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ . وَمِنْهَا : وَقَعَ فِي فَتَاوَى
السُّبْكِيّ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=4247_4328_4256_4254رَجُلًا وُقِفَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِ ، وَعَقِبِهِ ، ذَكَرًا وَأُنْثَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ ، عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ ، ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ ، ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ غَيْرِ نَسْلٍ ، عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ ; عَلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمَذْكُور ، يُقَدِّمُ الْأَقْرَبَ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبِ ، وَيَسْتَوِي الْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأَخُ مِنْ الْأَبِ .
nindex.php?page=treesubj&link=4316وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْل اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِع الْوَقْف ، وَتَرَكَ وَلَدًا ، أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ اسْتَحَقَّ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى ، لَوْ بَقِيَ حَيًّا إلَى أَنْ يَصِيرَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ ، وَقَامَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى ، فَإِذَا انْقَرَضُوا ، فَعَلَى الْفُقَرَاءِ .
وَتُوُفِّيَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ . إلَى وَلَدَيْهِ : أَحْمَدَ ، وَعَبْدِ الْقَادِر ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَبْدُ الْقَادِرِ ، وَتَرَك ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ ، هُمْ عَلِيٌّ ، وَعُمَرُ وَلَطِيفَةُ ، وَوَلَدَيْ ابْنِهِ مُحَمَّد ، الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِده . وَهُمَا : عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَمَلِكَةُ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عُمَرُ عَنْ غَيْر نَسْلٍ ، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ لَطِيفَةُ ، وَتَرَكَتْ بِنْتًا . تُسَمَّى فَاطِمَةَ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ عَلِيٌّ وَتَرَك بِنْتًا تُسَمَّى : زَيْنَبَ ، ثُمَّ تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ لَطِيفَةِ مِنْ غَيْرِ نَسْلٍ ، فَإِلَى مَنْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ فَاطِمَةَ الْمَذْكُورَةِ ؟ فَأَجَابَ : الَّذِي يَظْهَرُ لِي الْآن أَنَّ نَصِيبَ عَبْدِ الْقَادِر جَمِيعَهُ ، يُقَسَّمُ هَذَا الْوَقْفُ عَلَى سِتِّينَ جُزْءًا لِعَبْدِ الرَّحْمَن مِنْهُ : اثْنَانِ وَعِشْرُونَ ; وَلِمَلَكَةَ : أَحَدَ عَشَرَ وَلِزَيْنَبِ :
[ ص: 130 ] سَبْعَةً وَعِشْرُونَ ، وَلَا يَسْتَمِرُّ هَذَا الْحُكْمُ فِي أَعْقَابِهِمَا ، بَلْ كُلُّ وَقْتٍ بِحَسْبِهِ .
قَالَ : وَبَيَانُ ذَلِكَ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14603عَبْدَ الْقَادِر لَمَّا تُوُفِّيَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَة وَهُمْ :
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٌّ وَلَطِيفَةُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } :
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ : خُمُسَاهُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وَلِعُمَرَ : خُمُسَاهُ ، وَلِلَطِيفَةَ خُمُسُهُ ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدَنَا .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : يُشَارِكهُمْ
عَبْدُ الرَّحْمَن ، وَمَلِكَةُ " وَلَدَا
مُحَمَّدٍ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ ، وَنَزَلَا مَنْزِلَةَ أَبِيهِمَا " فَيَكُونُ لَهُمَا : السُّبُعَانِ .
nindex.php?page=showalam&ids=8وَلِعَلِيٍّ : السُّبُعَانِ .
nindex.php?page=showalam&ids=2وَلِعُمَرَ السُّبُعَانِ ، وَلِلَطِيفَةَ سُبُعٌ .
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا ، فَهُوَ مَرْجُوحٌ عِنْدَنَا ; لِأَنَّ الْمُمْكِنَ فِي مَأْخَذِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ : أَنْ لَا يُحْرَمَ أَحَدٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَقَاصِدَ إذَا لَمْ يَدُلُّ عَلَيْهَا اللَّفْظُ ، لَا يُعْتَبَرُ .
الثَّانِي : إدْخَالُهُمْ فِي الْحُكْمِ ، وَجَعْلُ التَّرْتِيبِ بَيْنِ كُلِّ أَصْلٍ وَفَرْعِهِ ، لَا بَيْن الطَّبَقَتَيْنِ جَمِيعًا . وَهَذَا مُحْتَمَلٌ ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ .
وَقَدْ كُنْتُ مِلْت إلَيْهِ مَرَّةً فِي وَقْفٍ ، لِلَفْظٍ اقْتَضَاهُ فِيهِ ، لَسْت أَعُمُّهُ فِي كُلّ تَرْتِيبٍ .
الثَّالِثُ : الِاسْتِنَادُ إلَى قَوْلِ الْوَاقِفِ " إنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْل اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ ، قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ " وَهَذَا أَقْوَى . لَكِنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ صَدَقَ عَلَى الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ : أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ .
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ كَانَ قَدْ وَقَعَ مِثْلُهَا فِي
الشَّامِ قَبْل التِّسْعِينَ وَسِتِّمِائَةِ ، وَطَلَبُوا فِيهَا نَقْلًا . فَلَمْ يَجِدُوهُ ، فَأَرْسَلُوا إلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يَسْأَلُونَ عَنْهَا .
وَلَا أَدْرِي مَا أَجَابُوهُمْ . لَكِنِّي رَأَيْت بَعْد ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ : فِيمَا إذَا وُقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ . عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ . وَمَنْ مَاتَ ، وَلَا وَلَدَ لَهُ ، انْتَقَلَ إلَى الْبَاقِينَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ ، فَمَاتَ وَاحِدٌ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ ، فَإِذَا مَاتَ آخَرُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَخِيهِ ، وَابْنِ أَخِيهِ ; لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ .
فَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي : أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بَعْد مَوْتِ وَالِدِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ عَبْدَ الْقَادِرِ ، الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ ، لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ أَهْلِ الْوَقْفِ ، إذَا آلَ إلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ .
قَالَ : وَمِمَّا يُتَنَبَّهُ لَهُ أَنَّ بَيْنَ " أَهْلِ الْوَقْفِ " وَ " الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ " عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْه ، فَإِذَا وُقِفَ مَثَلًا عَلَى زَيْدٍ ، ثُمَّ عَمْرٍو ، ثُمَّ أَوْلَادِهِ ، فَعَمْرٌو مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ زَيْدٍ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ قَصَدَهُ الْوَاقِفُ بِخُصُوصِهِ . وَسَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ . وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ ، حَتَّى يُوجَدَ شَرْطُ اسْتِحْقَاقِهِ ، وَهُوَ مَوْتُ زَيْدٍ . وَأَوْلَادُهُ إذَا آلَ إلَيْهِمْ الِاسْتِحْقَاقُ : كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ ، وَلَا يُقَالُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ : إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ
[ ص: 131 ] يُعَيِّنْهُ الْوَاقِفُ ، وَإِنَّمَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ : جِهَةُ الْأَوْلَادِ ، كَالْفُقَرَاءِ .
قَالَ : فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْقَادِرِ ، وَالِدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْف أَصْلًا ; وَلَا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ ، لِأَنَّ الْوَاقِف لَمْ يَنُصَّ عَلَى اسْمِهِ .
قَالَ : وَقَدْ يُقَالُ : إنَّ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ يَسْتَحِقُّ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَبُوهُ جَرَى عَلَيْهِ الْوَقْفُ فَيَنْتَقِلُ هَذَا الِاسْتِحْقَاقُ إلَى أَوْلَادِهِ .
قَالَ : وَهَذَا قَدْ كُنْتُ فِي وَقْتٍ أَبَحْتُهُ ، ثُمَّ رَجَعْت عَنْهُ .
فَإِنْ قُلْت : قَدْ قَالَ الْوَاقِفُ " إنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ " فَقَدْ سَمَّاهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ ، مَعَ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ " أَهْلَ الْوَقْفِ " عَلَى مَنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْوَقْفُ ، فَيَدْخُلُ مُحَمَّدٌ وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمَلِكَةَ فِي ذَلِكَ ، فَيَسْتَحِقَّانِ . وَنَحْنُ إنَّمَا نَرْجِعُ فِي الْأَوْقَافِ إلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ وَاقِفِهَا ، سَوَاءٌ وَافَقَ ذَلِكَ عُرْفَ الْفُقَهَاءِ أَمْ لَا .
قُلْت : لَا نُسَلِّمُ مُخَالَفَة ذَلِكَ لِمَا قُلْنَاهُ . أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ " قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ " وَإِنَّمَا قَالَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا صَارَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ ، وَيَتَرَقَّبُ اسْتِحْقَاقًا مِنْ آخَرَ فَيَمُوتُ قَبْلَهُ ، فَنَصَّ الْوَاقِفُ عَلَى أَنَّ وَلَدَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ .
وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ قَالَ : " قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ " فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : إنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ ، أَوْ الْبَطْنَ الَّذِي بَعْدَهُ ، وَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ . أَعْنِي أَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ : قَدْ يَتَأَخَّرُ اسْتِحْقَاقُهُ ، إمَّا لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِمُدَّةٍ : كَقَوْلِهِ : فِي كُلّ سَنَةٍ كَذَا ، فَيَمُوتُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : إنَّ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ ، وَإِلَى الْآن مَا اسْتَحَقَّ مِنْ الْغَلَّة شَيْئًا . إمَّا لِعَدَمِهَا ، أَوْ لِعَدَمِ شَرْطِ الِاسْتِحْقَاق ، بِمُضِيِّ زَمَانٍ ، أَوْ غَيْرِهِ ، فَهَذَا حُكْمُ الْوَقْفِ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ الْقَادِرِ
فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ عَنْ غَيْر نَسْلٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَخَوَيْهِ ، عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَيَصِيرُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِرِ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِعَلِيٍّ : الثُّلُثَانِ ، وَلِلَطِيفَةَ : الثُّلُثُ وَيَسْتَمِرُّ حِرْمَانُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَلِكَةَ .
فَلَمَّا مَاتَتْ لَطِيفَةُ انْتَقَلَ نَصِيبُهَا ، وَهُوَ : الثُّلُثُ إلَى بِنْتهَا . وَلَمْ يَنْتَقِلْ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمَلِكَةَ شَيْءٌ ، لِوُجُودِ أَوْلَادِ عَبْدِ الْقَادِرِ ، وَهُمْ يَحْجُبُونَهُمْ ; لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُهُ . وَقَدْ قَدَّمَهُمْ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ ، الَّذِينَ هُمْ مِنْهُمْ .
فَلَمَّا تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ . وَخَلَّفَ بِنْتَهُ زَيْنَبَ . اُحْتُمِلَ أَنْ يُقَالَ : نَصِيبُهُ كُلُّهُ ، وَهُوَ : ثُلُثَا نَصِيبِ عَبْدِ الْقَادِرِ لَهَا . عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ : " مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ " . وَتَبْقَى هِيَ وَبِنْتُ عَمَّتِهَا مُسْتَوْعِبَتَيْنِ لِنَصِيبِ جَدِّهِمَا . لِزَيْنَبِ : ثُلُثَاهُ . وَلِفَاطِمَةَ " ثُلُثَهُ .
[ ص: 132 ] وَاحْتُمِلَ أَنْ يُقَالَ : إنَّ نَصِيبَ عَبْدِ الْقَادِرِ كُلِّهِ يُقَسَّمُ الْآنَ عَلَى أَوْلَادِهِ ، عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ : " ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ " فَقَدْ أَثْبَتَ لِجَمِيعِ أَوْلَادِ الْأَوْلَاد اسْتِحْقَاقًا بَعْدَ الْأَوْلَادِ . وَإِنَّمَا حَجَبْنَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَمَلِكَةَ ، وَهُمَا مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ : بِالْأَوْلَادِ ، فَإِذَا انْقَرَضَ الْأَوْلَادُ زَالَ الْحَجْبُ ، فَيَسْتَحِقَّانِ . وَيُقَسَّمُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِرِ بَيْنَ جَمِيعِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ، فَلَا يَحْصُلُ لِزَيْنَبِ جَمِيعُ نَصِيبِ أَبِيهَا . وَيَنْقُص مَا كَانَ بِيَدِ فَاطِمَةَ ، بِنْتِ لَطِيفَةَ وَهَذَا أَمْرٌ اقْتَضَاهُ النُّزُولُ الْحَادِثُ بِانْقِرَاضِ طَبَقَةِ الْأَوْلَادِ " الْمُسْتَفَادُ مِنْ شَرْطِ الْوَاقِفِ : أَنَّ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ بَعْدَهُمْ .
وَلَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِظَاهِرِ قَوْلِهِ " إنَّ مَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ " فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ نَصِيبَ عَلِيٍّ لِبِنْتِهِ زَيْنَبَ . وَاسْتِمْرَار نَصِيب لَطِيفَةَ لِبِنْتِهَا فَاطِمَة ، فَخَالَفْنَاهُ بِهَذَا الْعَمَل فِيهِمَا جَمِيعًا ، وَلَوْ لَمْ نُخَالِفْ ذَلِكَ ، لَزِمَنَا مُخَالَفَةُ قَوْلِ الْوَاقِفِ : " إنَّ بَعْدَ الْأَوْلَادِ يَكُونُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ " ، وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ .
فَهَذَانِ الظَّاهِرَانِ تَعَارَضَا ، وَهُوَ تَعَارُضٌ قَوِيٌّ صَعْبٌ . لَيْسَ فِي هَذَا الْوَقْفِ مَحَزٌّ أَصْعَبُ مِنْهُ . وَلَيْسَ التَّرْجِيحُ فِيهِ بِالْهَيِّنِ بَلْ هُوَ مَحَلُّ نَظَرِ الْفَقِيهِ . وَخَطَرَ لِي فِيهِ طُرُقٌ :
مِنْهَا : أَنَّ الشَّرْطَ الْمُقْتَضِي لِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ جَمِيعِهِمْ مُتَقَدِّمٌ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ ، وَالشَّرْطُ الْمُقْتَضِي لِإِخْرَاجِهِمْ بِقَوْلِهِ " مَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ " مُتَأَخِّرٌ ، فَالْعَمَلُ بِالْمُتَقَدِّمِ أَوْلَى ; لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ النَّسْخِ ، حَتَّى يُقَالَ : الْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ أَوْلَى .
وَمِنْهَا ; أَنَّ تَرْتِيبَ الطَّبَقَاتِ أَصْلٌ ، وَذِكْرُ انْتِقَالِ نَصِيبِ الْوَالِدِ إلَى وَلَدِهِ فَرْعٌ وَتَفْصِيلٌ لِذَلِكَ الْأَصْلِ ، فَكَانَ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ أَوْلَى .
وَمِنْهَا : أَنَّ " مَنْ " صِيغَةٌ عَامَّةٌ ، فَقَوْلُهُ " مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَد " صَالِحٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمْ ، وَلِمَجْمُوعِهِمْ ، وَإِذَا أُرِيدَ مَجْمُوعُهُمْ ، كَانَ انْتِقَال نَصِيب مَجْمُوعِهِمْ إلَى مَجْمُوعِ الْأَوْلَادِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ هَذَا الشَّرْطِ ، فَكَانَ إعْمَالًا لَهُ مِنْ وَجْهٍ ، مَعَ إعْمَالِ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ لَمْ نَعْمَلْ بِذَلِكَ كَانَ إلْغَاءً لِلْأَوَّلِ مِنْ كُلّ وَجْهٍ وَهُوَ مَرْجُوحٌ .
وَمِنْهَا : إذَا تَعَارَضَ الْأَمْرُ بَيْن إعْطَاءِ بَعْضِ الذُّرِّيَّةِ وَحِرْمَانِهِمْ ، تَعَارُضًا لَا تَرْجِيحَ فِيهِ فَالْإِعْطَاءُ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَقْرَبُ إلَى غَرَض الْوَاقِفِينَ .
وَمِنْهَا : أَنَّ اسْتِحْقَاقَ زَيْنَبَ لِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ الَّذِي يَخُصُّهَا إذَا شَرَكَ بَيْنهَا وَبَيْن بَقِيَّةِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ : مُحَقَّقٌ . وَكَذَا فَاطِمَةُ ، وَالزَّائِدُ عَلَى الْمُحَقَّقِ فِي حَقِّهَا : مَشْكُوكٌ فِيهِ ، وَمَشْكُوكٌ فِي اسْتِحْقَاقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمَلِكَةَ لَهُ ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ تَرْجِيحٌ فِي التَّعَارُضِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ ، يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ ، فَيُقَسَّم بَيْن عَبْدِ الرَّحْمَن ، وَمَلِكَةَ ، وَزَيْنَبَ . وَفَاطِمَةَ .
وَهَلْ يُقْسَمُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، فَيَكُونُ لِعَبْدِ الرَّحْمَن : خُمُسَاهُ . وَلِكُلٍّ مِنْ الْإِنَاثِ : خُمُسُهُ ، نَظَرًا إلَيْهِمْ ، دُون أُصُولِهِمْ ، أَوْ يُنْظَرُ إلَى أُصُولِهِمْ ، فَيَنْزِلُونَ مَنْزِلَتَهُمْ
[ ص: 133 ] لَوْ كَانُوا مَوْجُودِينَ ، فَيَكُونُ لِفَاطِمَةَ : خُمُسُهُ ، وَلِزَيْنَبِ : خُمُسَاهُ ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَن وَمَلِكَةَ خُمُسَاهُ ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ .
وَأَنَا إلَى الثَّانِي أَمِيلُ . حَتَّى لَا يُفَضَّلَ فَخْذٌ عَلَى فَخْذٍ فِي الْمِقْدَارِ ، بَعْدَ ثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ .
فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ مِنْ غَيْرِ نَسْلٍ ، وَالْبَاقُونَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ : زَيْنَبُ بِنْتُ خَالِهَا ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلِكَةُ ، وَلَدَا عَمِّهَا ، وَكُلُّهُمْ فِي دَرَجَتِهَا . وَجَبَ قَسْمُ نَصِيبِهَا بَيْنَهُمْ ، لِعَبْدِ الرَّحْمَن : نِصْفُهُ ، وَلِمَلَكَةَ : رُبُعُهُ ، وَلِزَيْنَبِ : رُبُعُهُ .
وَلَا نَقُولُ هُنَا : نَنْظُرُ إلَى أُصُولِهِمْ ; لِأَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ مُسَاوِيهِمْ ، وَمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِمْ فَكَانَ اعْتِبَارُهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ أَوْلَى . فَاجْتَمَعَ لِعَبْدِ الرَّحْمَن ، وَمَلِكَةَ : الْخُمُسَانِ ، حَصَلَا لَهُمَا بِمَوْتِ عَلِيٍّ . وَنِصْفٌ وَرُبْعُ الْخُمُسِ ، الَّذِي لِفَاطِمَةَ ، بَيْنَهُمَا بِالْفَرِيضَةِ ، فَلِعَبْدِ الرَّحْمَن خُمُسٌ ، وَنِصْفُ خُمُسٍ ، وَثُلُثُ خُمُسٍ . وَلِمَلَكَةَ : ثُلُثَا خُمُسٍ وَرُبْعُ خُمُسٍ . وَاجْتَمَعَ لِزَيْنَبِ : الْخُمُسَانِ بِمَوْتِ وَالِدهَا ، وَرُبْعُ خُمُسِ فَاطِمَةَ ، فَاحْتَجْنَا إلَى عَدَدٍ يَكُونُ لَهُ خُمُسٌ . وَلِخُمُسِهِ ثُلُثٌ وَرُبْعٌ . وَهُوَ سِتُّونَ ، فَقَسَمْنَا نَصِيبَ عَبْدِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ . لِزَيْنَبِ خُمُسَاهُ وَرُبْعُ خُمُسِهِ . وَهُوَ سَبْعَة وَعِشْرُونَ وَلِعَبْدِ الرَّحْمَن : اثْنَانِ وَعِشْرُونَ . وَهِيَ خُمُسٌ وَنِصْفُ خُمُسٍ وَثُلُثُ خُمُسٍ . وَلِمَلَكَةَ : إحْدَى عَشَرَ وَهِيَ ثُلُثَا خُمُسٍ وَرُبْعُ خُمُسٍ .
فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي ، وَلَا أَشْتَهِي أَحَدًا مِنْ الْفُقَهَاء يُقَلِّدُنِي . بَلْ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ ، انْتَهَى كَلَامُ
السُّبْكِيّ
قُلْت : الَّذِي يَظْهَرُ لِي اخْتِيَارُهُ أَوَّلًا ، دُخُولَ عَبْد الرَّحْمَن وَمَلِكَةَ ، بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ الْقَادِرِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ " وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْف إلَخْ " .
وَمَا ذَكَرَهُ
السُّبْكِيُّ : مِنْ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ : مَمْنُوعٌ . وَمَا ذَكَرَهُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ " قَبْل اسْتِحْقَاقِهِ " خِلَافُ الظَّاهِر مِنْ اللَّفْظِ . وَخِلَافُ الْمُتَبَادِرِ إلَى الْأَفْهَام .
بَلْ صَرِيحُ كَلَامِ الْوَاقِفِ : أَنَّهُ أَرَادَ بِأَهْلِ الْوَقْفِ : الَّذِي مَاتَ قَبْل اسْتِحْقَاقِهِ ، لَا الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ . وَلَكِنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ . وَقَوْلُهُ " لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ " دَلِيلٌ قَوِيٌّ لِذَلِكَ ، فَإِنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ . وَفِي سِيَاقِ كَلَامٍ مَعْنَاهُ النَّفْيُ ، فَيَعُمُّ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ . وَهَذَا صَرِيحٌ فِي رَدِّ التَّأْوِيلِ الَّذِي قَالَهُ .
وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا ، قَوْلُهُ : " اسْتَحَقَّ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى ، لَوْ بَقِيَ حَيًّا إلَى أَنْ يَصِيرَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ " فَهَذِهِ الْأَلْفَاظِ كُلُّهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ .
وَأَيْضًا : لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا قَالَهُ
السُّبْكِيُّ ، لَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا " عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ
[ ص: 134 ] وَلَدٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى وَلَدِهِ " فَإِنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا اشْتِرَاطَهُ التَّرْتِيبَ فِي الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ ; لِأَنَّ ذَاكَ عَامٌّ ، خَصَّصَهُ هَذَا . كَمَا خَصَّصَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ " عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ " إلَى آخِره .
وَأَيْضًا : فَإِنَّا إذَا عَمِلْنَا بِعُمُومِ اشْتِرَاط التَّرْتِيب لَزِمَ مِنْهُ إلْغَاء هَذَا الْكَلَامِ بِالْكُلِّيَّةِ . وَأَنْ لَا يَعْمَلَ فِي صُورَةٍ ; لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ : إنَّمَا اسْتَحَقَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلِكَةُ لَمَّا اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ " عَادَ عَلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ " فَبَقِيَ قَوْلُهُ " وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ إلَخْ " مُهْمَلًا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي صُورَةٍ . بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْمَلْنَاهُ ، وَخَصَّصْنَا بِهِ عُمُومَ التَّرْتِيبِ ، فَإِنَّ فِيهِ إعْمَالًا لِلْكَلَامَيْنِ ، وَجَمْعًا بَيْنَهُمَا وَهَذَا أَمْرٌ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِهِ .
وَحِينَئِذٍ ، فَنَقُولُ : لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الْقَادِر قُسِمَ نَصِيبُهُ بَيْن أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَة ، وَوَلَدَيْ وَلَدِهِ أَسْبَاعًا : لِعَبْدِ الرَّحْمَن وَمَلِكَةَ : السُّبُعَانِ أَثْلَاثًا ، فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ ، عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ ، انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَخَوَيْهِ وَوَلَدَيْ أَخِيهِ ، فَيَصِيرُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِر كُلُّهُمْ بَيْنَهُمْ . لِعَلِيٍّ : خُمُسَانِ وَلِلَطِيفَةَ : خُمُسٌ ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمَلِكَةَ خُمُسَانِ ، أَثْلَاثًا . وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ لَطِيفَة انْتَقَلَ نَصِيبُهَا بِكَمَالِهِ لِبِنْتِهَا فَاطِمَةَ وَلَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ بِكَمَالِهِ لِبِنْتِهِ زَيْنَبَ وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ لَطِيفَةَ وَالْبَاقُونَ فِي دَرَجَتِهَا زَيْنَبُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلِكَةُ . قُسِمَ نَصِيبُهَا بَيْنَهُمْ " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ " اعْتِبَارًا بِهِمْ ، لَا بِأُصُولِهِمْ . لَمَّا ذَكَر
السُّبْكِيُّ : لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ : نِصْفٌ وَلِكُلِّ بِنْتٍ رُبْعٌ ، فَاجْتَمَعَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بِمَوْتِ عُمَرَ : خُمُسٌ وَثُلُثٌ ، وَبِمَوْتِ فَاطِمَةَ : نِصْفُ خُمُسٍ . وَلِمَلِكَةِ ، بِمَوْتِ عُمَرَ : ثُلُثَا خُمُسٍ ، وَبِمَوْتِ فَاطِمَةَ : رُبْعُ خُمُسٍ . وَلِزَيْنَبِ بِمَوْتِ عَلِيٍّ : خُمُسَانِ ، وَبِمَوْتِ فَاطِمَة : رُبْع خُمُسٍ ، فَيُقَسَّمُ نَصِيبُ عَبْدِ الْقَادِر سِتِّينَ جُزْءًا . لِزَيْنَبِ : سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَهِيَ خُمُسَانِ وَرُبْعُ خُمُسٍ ، وَلِعَبْدِ الرَّحْمَن : اثْنَانِ وَعِشْرُونَ ، وَهِيَ خُمُسٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ . وَلِمَلَكَةَ : أَحَدَ عَشَرَ ، وَهِيَ ثُلُثَا خُمُسٍ وَرُبْعٌ .
فَصَحَّتْ مِمَّا قَالَهُ
السُّبْكِيّ ، لَكِنَّ الْفَرْقَ تَقَدُّمُ اسْتِحْقَاقِ عَبْد الرَّحْمَن ، وَمَلِكَةَ . وَالْجَزْمُ حِينَئِذٍ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْقِسْمَة ،
وَالسُّبْكِيُّ تَرَدَّدَ فِيهَا ، وَجَعَلَهَا مِنْ بَابِ قِسْمَة الْمَشْكُوكِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ وَنَحْنُ لَا نَتَرَدَّدُ فِي ذَلِكَ .
وَسُئِلَ
السُّبْكِيُّ أَيْضًا : عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=4328_4252رَجُلٍ وَقَفَ عَلَى حَمْزَة ، ثُمَّ أَوْلَاده ، ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ إخْوَتِهِ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ . لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ ، وَلَهُ وَلَدٌ ، اسْتَحَقَّ وَلَدُهُ مَا كَانَ يَسْتَحِقّهُ الْمُتَوَفَّى ، لَوْ كَانَ حَيًّا .
فَمَاتَ حَمْزَةُ ، وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ ، وَهُمَا عِمَادُ الدِّين ، وَخَدِيجَةُ . وَوَلَدَ وَلَدٍ ، مَاتَ أَبُوهُ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ ، وَهُوَ : نَجْمُ الدِّينِ بْنُ مُؤَيِّدِ الدِّينِ بْنِ حَمْزَةَ ، فَأَخَذَ الْوَالِدَانِ نَصِيبَهُمَا ، وَوَلَدُ الْوَلَدِ : النَّصِيبَ الَّذِي لَوْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا لَأَخَذَهُ ، ثُمَّ مَاتَتْ خَدِيجَةُ ، فَهَلْ يَخْتَصُّ أَخُوهَا بِالْبَاقِي ، أَوْ يُشَارِكُهُ وَلَدُ أَخِيهِ نَجْمُ الدِّينِ ؟
[ ص: 135 ] فَأَجَابَ : تَعَارَضَ فِيهِ اللَّفْظَانِ ، فَيُحْتَمَلُ الْمُشَارَكَةُ . وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ اخْتِصَاصُ الْأَخِ وَيُرَجِّحُهُ : أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْإِخْوَةِ وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْهُمْ : كَالْخَاصِّ . وَقَوْلُهُ : " وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ " كَالْعَامِّ فَيُقَدَّمُ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ .
تَنْبِيهٌ :
قَالَ
السُّبْكِيُّ ، وَوَلَدُهُ : مَحَلُّ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ : أَنْ يَسْتَوِيَ الْإِعْمَالُ وَالْإِهْمَالُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكَلَام . أَمَّا إذَا بَعُدَ الْإِعْمَالِ عَنْ اللَّفْظِ ، وَصَارَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَاللُّغْزِ فَلَا يَصِيرُ رَاجِحًا وَمِنْ ثَمَّ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=14285_26836_24967أَوْصَى بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ : وَلَهُ عِيدَانُ لَهْوٍ ، وَعِيدَانُ قِسِيٍّ ، وَبِنَاءٍ . فَالْأَصَحُّ بُطْلَانُ الْوَصِيَّة ، تَنْزِيلًا عَلَى عِيدَانِ اللَّهْو ; لِأَنَّ اسْمَ الْعُودِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَهُ . وَاسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ مَرْجُوحٌ وَلَيْسَ كَالطَّبْلِ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْجَمِيع وُقُوعًا وَاحِدًا . كَذَا فَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْن الْمَسْأَلَتَيْنِ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10906قَالَ : زَوَّجْتُك فَاطِمَةَ ، وَلَمْ يَقُلْ : بِنْتِي : لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ . لِكَثْرَةِ الْفَوَاطِمِ .