والفصل الخامس [ ص: 263 ] في ، ولا يخلو فيه من ثلاثة أحوال : أحدها أن يسمي معلوما . جاري العامل على عمله
والثاني : أن يسمي مجهولا .
والثالث : أن لا يسمي بمجهول ولا بمعلوم ، فإن سمى معلوما استحق المسمى إذا وفى العمالة حقها ، فإن قصر فيها روعي تقصيره ، فإن كان لترك بعض العمل لم يستحق جاري ما قابله ، وإن كان لخيانة منه مع استيفاء العمل استكمل جاريه وارتجع ما خان فيه ، وإن زاد في العمل روعيت الزيادة ، فإن لم تدخل في حكم عمله كان نظره فيها مردودا لا ينفذ ، وإن كانت داخله في حكم نظره لم يخل من أحد أمرين : إما أن يكون قد أخذها بحق أو ظلم ، فإن كان أخذها بحق كان متبرعا بها لا يستحق لها زيادة على المسمى في جاريه ، وإن كان ظلما وجب ردها على من ظلم بها ، وكان عدوانا من العامل يؤخذ بجريرته ، وأما إن سمى جاريه مجهولا استحق جاري مثله فيما عمل ، فإن كان جاري العمل مقدرا في الديوان وعمل به جماعة من العمال صار ذلك القدر هو جاري المثل ، وإن لم يعمل به إلا واحد لم يصر ذلك مألوفا في جاري المثل .
وأما فقد اختلف الفقهاء في استحقاقه لجاري مثله على عمله على أربعة مذاهب قالها إن لم يسم جاريه بمعلوم ، ولا بمجهول وأصحابه ، فمذهب الشافعي فيها أنه لا جاري له على عمله ، ويكون متطوعا به حتى يسمي جاريا معلوما أو مجهولا لخلو عمله من عوض . الشافعي
وقال : له جاري مثله وإن لم يسمه لاستيفاء عمله عن إذنه . المزني
وقال أبو العباس بن سريج إن كان مشهورا بأخذ الجاري على عمله فله جاري مثله ، وإن لم يشهر بأخذ الجاري عليه فلا جاري له .
وقال من أصحاب أبو إسحاق المروزي : إن دعي إلى العمل في الابتداء أو أمر به فله جاري مثله ، فإن ابتدأ بالطلب فأذن له في العمل فلا جاري له ، وإذا كان في عمله مال يجتنى فجاريه مستحق فيه ، وإن لم يكن فيه مال فجاريه في بيت المال مستحق من سهم المصالح . الشافعي