[ ص: 483 ] المبحث الثالث
المبطل الثالث: أن يتصل بالموصى به زيادة تمنع تسليم العين الموصى بها
اختلف العلماء فيما على أقوال: إذا اتصل بالعين الموصى بها ما يمنع تسليمها
القول الأول: أن يتصل بالموصى به زيادة تمنع تسليم العين الموصى بها.
وبه قال الحنفية ، والشافعية .
قال الكاساني: « أن يتصل بالعين الموصى به زيادة لا يمكن تسليم العين بدونها، كما إذا أوصى بسويق ثم لته بالسمن... وكذا إذا وصى بدار ثم بنى فيها، أو أوصى بقطن ثم حشاه جبة فيه ، أو أوصى ببطانة ثم بطن بها، أو بظهارة ثم ظهر بها » .
ودليل كونه رجوع ضرورة:
قال الكاساني: « لأنه لا يمكن تسليم الموصى به إلا بتسليم ما اتصل به ، ولا يمكن تسليمه إلا بالنقض، ولا سبيل إلى التكليف بالنقض; لأنه تصرف في ملك نفسه، فجعل رجوعا من طريق الضرورة، ويمكن إثبات الرجوع في هذه المسائل من طريق الدلالة أيضا ; لأن اتصال الموصى به بغيره حصل بصنع الموصي، فكان تعدد التسليم مضافا إلى فعله، وكان رجوعا منه دلالة » .
[ ص: 484 ] القول الثاني: أنه ليس برجوع.
وهو المعتمد في المذهب المالكي، واختلف أصحاب هذا القول لمن تكون الزيادة ؟ فقيل: للموصى له، ولا شيء للورثة فيها، وهو قول ابن القاسم وأشهب.
وقال الزيادة للورثة، هم شركاء للموصى له بقيمة الزيادة قائمة، والموصى له شريك في الورثة في قيمة الموصى به بدون تلك الزيادة. أصبغ:
حجة أصبغ: أن الزيادة غير موص بها، فتكون باقية على ملك الموصي يرثها ورثته عنه.
وحجة قول ابن القاسم أن الزيادة لما كانت غير مستقلة عن الموصى به كان الظاهر أن الموصي قصد إلحاقها بالأصل الموصى به، فكان الجميع وصية، وهو مخالف; لقاعدة أن الأموال لا تنقل بالشك، وقاعدة أن الشك في السبب يوجب بطلان المسبب; لأن إلحاق الزيادة بالوصية مشكوك فيه. وأشهب:
واختار خليل: قول في البناء، وقول أصبغ أشهب في تجصيص الدار، ولت السويق، وتعليم الحيوان، وغير ذلك، وكأنه رأى أن البناء زيادة كبيرة، والشأن التساهل والتسامح في الأشياء الخفيفة، فتحمل على أن الموصي قصد إضافتها للوصية، بخلاف الأشياء الكبيرة فالأصل عدم التسامح فيها، فتبقى على ملك الموصي. وابن القاسم
والأقرب: الرجوع في مثل هذه المسائل إلى قرائن الأحوال; إذ قد يقصد الموصي زيادة الموصى به.