[ ص: 485 ] المبحث الرابع
المبطل الرابع: تغير الموصى به
ألحق الحنفية ، والحنابلة ، والشافعية في المعتمد عندهم التغيرات الموجبة لزوال الاسم، والتي لم تصدر عن الموصي.
في بدائع الصنائع: « والثاني: أن يتغير الموصى به بحيث يزول معناه واسمه، سواء كان التغيير إلى الزيادة أو إلى النقصان، كما إذا أوصى لإنسان بثمر هذا النخل ثم لم يمت الموصي حتى صار بسرا، أو أوصى له بهذا البسر ثم صار رطبا، أو أوصى بهذا العنب، فصار زبيبا، أو بهذا السنبل فصار حنطة، أو بهذا القصيل، فصار شعيرا، أو بالحنطة المبذورة في الأرض ، فنبتت وصارت بقلا، أو بالبيضة فصارت فرخا، أو نحو ذلك، ثم مات الموصي بطلت الوصية فيما أوصى به، فيثبت الرجوع ضرورة، هذا إذا تغير الموصى به قبل موت الموصي; لأنه صار شيئا آخر لزوال معناه، واسمه ، فتعذر تنفيذ الوصية فيما أوصى به » .
وخالف الحنفية هذه في الوصية بالحمل إذا صار كبشا، فاستحسنوا أنه ليس برجوع، وإن كان القياس يقتضي البطلان، فقدموا الاستحسان على القياس.
[ ص: 486 ] وعلى غراره إذا أوصى بعجل فصار ثورا، أو بمهر فصار حصانا، أو بفصيل فصار جملا ، فإن ذلك لا يعد رجوعا استحسانا ، ويعد رجوعا قياسا.
والأقرب: بأن تغير الاسم يقضي الرجوع ما لم يكن نص أو قرينة; لأن الأصل بقاء الوصية.
فإن كان الفعل لا يتغير معه الاسم فإنه لا يعد رجوعا، كما لو أوصى له بثمر فجذه، أو بصوف فجزه، أو زرع فحصده ولم يدرسه، أو درسه ولم يصفه، أو أوصى له بثوب فخاطه، أو فصله; لأن الموصى به بعد هذه الأفعال لم يزل عنه اسمه، فالثمر بعد جذه يسمى ثمرا، والصوف بعد جزه يسمى صوفا، والزرع بعد حصده ما دام لم يصف يسمى زرعا، والثوب بعد خياطته وتفصيله يسمى ثوبا، بخلاف ما لو صفى الزرع فإنه يكون رجوعا ; لأنه بعد التصفية يسمى قمحا، أو شعيرا، والصوف إذا غزله، والغزل إذا نسجه، فإن ذلك رجوع لزوال الاسم ; لأن الصوف بعد الغزل لا يسمى صوفا، والغزل بعد نسجه لا يسمى غزلا، وهكذا.