المطلب الخامس: انفراد أحد الوصيين بحفظ المال
اختلف العلماء -رحمهم الله- في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: أنه لا ينفرد أحدهما بحفظه دون الآخر.
وبه قال من أشهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.
وحجتهم:
1- أن الموصي لم يرض بحفظ أحدهما، فلم يجز له الانفراد.
2- أن حفظ المال من جملة الموصى به، فلم يجز لأحدهما الانفراد به كالتصرف.
القول الثاني: أنه ينفرد بحفظه أعدلهما، وأشدهما حرزا.
وهو المشهور عند المالكية.
وحجته: أن الموصي إنما جعل إليهما المال ليكون ذلك أدعى للحفظ، [ ص: 67 ] فإذا امتنع ذلك لأجل التنازع نظر في الممكن، وهو أن يتولى الحفظ أحدهما، ويتخير لذلك أعدلهما وأكفأهما.
ونوقش: بما إذا تساويا في العدالة، والكفاءة، فأيهما ينفرد بحفظه.
القول الثالث: أنه إن كان مما لا يقبل القسمة جاز أن ينفرد به أحدهما، وإن كان مما يقبل القسمة لم يجز.
وهذا قول الحنفية.
وحجته: أنهما متساويان في الوصية، فيستحقان بموجبها إمساك المال، وحفظه بينهما.
الترجيح:
يترجح -والله أعلم- أن يقال: إن الأصل أنه إلا إذا دعت المصلحة لذلك; إذ المراعى في ذلك هو المصلحة. لا ينفرد أحدهما بالحفظ،
[ ص: 68 ]