المسألة الثانية: قدر الأكل:
اختلف العلماء المجيزون للأكل من مال اليتيم في على أقوال: قدر ما يأكله الولي
[ ص: 333 ] القول الأول: أنه يأكل الأقل من كفايته وأجرته.
وهو قول جمهور أهل العلم.
وحجته: أنه يستحقه بالعمل والحاجة جميعا، فلا يجوز أن يأخذ إلا ما وجد فيه.
القول الثاني: أن الولي يأكل بقدر عمله.
وبه قال بعض الحنابلة.
وحجته: أن الولي يستحق الأكل من مال اليتيم بالعمل فيتقدر بقدره.
ولعله يناقش: بأنه لا يسلم بأنه لا يستحق الأكل إلا بالعمل فقط، بل به والحاجة جميعا.
القول الثالث: أن الولي يأكل بقدر كفايته.
وبه قال الشافعية.
ولعل حجته: أنه رخص للولي أن يأكل بالمعروف.
والمعروف هو قدر الكفاية; إذ لا إفراط ولا تفريط، فلا نقص على الولي ولا ظلم لليتيم، فهو ظاهر القرآن.
القول الرابع: أنه يجوز للولي أن ينتفع بألبان الإبل، واستخدام العبيد، وركوب الدواب إذا لم يضر بأصل المال، أما أعيان الأموال وأصولها، فليس للوصي أخذها.
[ ص: 334 ] وبه قال الشعبي، وأبو العالية.
وحجته:
(337) ما رواه من طريق عبد الرزاق قال: جاء رجل إلى القاسم بن محمد -رضي الله عنهما- فقال: «إن في حجري أموال يتامى وهو يستأذنه أن يصيب منها، فقال ابن عباس ألست تبغي ضالتها؟ قال: بلى. قال: ألست تهنأ جرباها؟ قال: بلى. قال: ألست تلوط حياضها؟ قال: بلى. قال: ألست تفرط عليها يوم وردها؟ قال: بلى. قال: فأصب من رسلها يعني: من لبنها». ابن عباس:
وجه الدلالة: أن -رضي الله عنهما- رخص للسائل أن يصيب من أموال اليتامى الذين في حجره، وهذا يشمل الانتفاع بأعيان الأموال من ركوب الدواب، واستخدام للعبيد، ونحو ذلك. ابن عباس
ونوقش هذا الاستدلال:
بأنه لا دلالة في الأثر على ما احتجوا به، -رضي الله عنهما- إنما رخص في ألبان الإبل، ولم يرخص في منافع الأعيان، واللبن عين وليس منفعة، وقد أجاز فابن عباس -رضي الله عنهما- شربه. ابن عباس
الترجيح:
الأقرب -والله أعلم- القول الأول; لأنه أحوط لمال اليتيم، وأبرأ للذمة.
[ ص: 335 ]