المطلب الثاني: مصرف الوقف المنقطع الآخر
تقدم اختلاف أهل العلم في حكم الوقف المنقطع الآخر، وتقدم أن الراجح صحته، وعلى القول بالصحة اختلف العلماء في مصرفه على أقوال:
القول الأول: أنه يصرف إلى الفقراء والمساكين.
وهو مذهب الحنفية، ووجه في مذهب الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد.
القول الثاني: يرجع الوقف - على المشهور - حبسا على فقراء عصبة المحبس نسبا، يوم المرجع الذي هو انقراض من حبس عليه، ولا يشاركهم [ ص: 146 ] أغنياؤهم، ولا يدخل فيهم الواقف ولو فقيرا، ولا مواليه، ويدخل من النساء من لو كان رجلا كان عاصبا، كالبنت والعمة.
وإن كان الوقف مؤقتا كأن يقف على معينين مدة عشر سنين، فإذا مات أحدهم انتقل نصيبه إلى الباقين، فإن بقي واحد فله جميع الوقف، فإذا مات رجع الوقف للواقف ملكا وورثته من بعده.
وهو مذهب المالكية.
القول الثالث: أنه يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف من الفقراء.
وهو الصحيح من مذهب الشافعية.
القول الرابع: إن كان الواقف حيا رجع إليه الوقف وقفا عليه، وإن كان ميتا رجع إلى ورثة الواقف نسبا وقفا عليهم على قدر إرثهم.
وهو مذهب الحنابلة.
وفي رواية عن الإمام أنه يرجع إلى ورثة الموقوف عليه. أحمد:
القول الخامس: أن يرجع إلى ملك واقفه الحي، وإلى ورثته من بعده.
وهو رواية عن أبي يوسف، وقول في مذهب الشافعية، ورواية عن الإمام [ ص: 147 ] القول السادس: يصرف في مصالح المسلمين، ومنهم من خصه بمستحقي الزكاة. أحمد.
وهو وجه للشافعية، ورواية عن يصرف لبيت المال. أحمد:
الأدلة:
أدلة القول الأول: (يصرف للفقراء) :
استدل لهذا الرأي بما يلي:
1 - حديث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عمر . «لا تعد في صدقتك، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه»
دل الحديث على أن لأنه أخرجه لله، فيكون للفقراء. الوقف منقطع الآخر لا يرجع لواقفه;
2 - أن الفقراء والمساكين مصارف مال الله وحقوقه من الصدقات والكفارات ونحوها، والوقف صدقة أخرجها الواقف لله تعالى، فإذا انقطع الوقف لانقراض الموقف عليه، أو لعدم صحة الوقف عليه، صرف إليهم.
3 - القياس على النذر، فمن نذر صدقة مطلقة صرفت إلى الفقراء والمساكين.
4 - أن الملك زال عن المالك على وجه القربة، فلا يعود ملكا لواقفه، ولا لورثته من بعده، كالعتق، فيكون للفقراء.