[ ص: 422 ] المطلب الثالث: إذا في هذه الحال اختلف الفقهاء - رحمهم الله - في ثبوت الشفعة للشريك على ثلاثة أقوال: كان الشقص من العين المشاعة قد باعه صاحبه، ثم وقفه المشتري قبل أن يشفع فيه الشريك
القول الأول: أن الوقف باطل، وللشفيع أخذ الشقص بالشفعة.
وهذا قول غلام الخلال أبي بكر عبد العزيز، واختاره ابن قاضي الجبل من الحنابلة.
القول الثاني: أن الوقف صحيح، ولكن للشفيع نقضه، وأخذ الشقص بالشفعة.
وهذا هو قول الحنفية، والمالكية، والشافعية، وهو رواية عن أحمد.
القول الثالث: أن الشفعة تسقط، ويبقى الشقص وقفا. [ ص: 423 ] وهو رواية عن في المساجد، وقال به بعض الشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة، وعليه جمهور الأصحاب. أبي حنيفة
الأدلة:
أدلة القول الأول: استدل لهذا القول بما يلي:
1 - حديث رضي الله عنه: جابر بن عبد الله «أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر، فاحتاج فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بكذا وكذا، فدفعه إليه.
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل التدبير من أجل حق الغرماء مع شدة نفوذ العتق وتشوف الشارع إليه، فكذا يبطل الوقف من أجل حق الغير وهو الشفيع.
2 - أن فإذا جاز إبطال الوقف هنا مراعاة لحق الغير، فلا يمتنع أن يبطل الوقف في مسألتنا مراعاة لحق الغير أيضا. المريض لو وقف أملاكه وعليه دين، ثم مات رد الوقف إلى الغرماء والورثة فيما زاد على ثلثه،
ونوقش هذا الدليل: بأن هذا القياس قياس مع الفارق; وذلك أن حق الغريم في أملاك المريض حق ثابت ومقدم حتى على الورثة، فلا يجوز لهم أن يقتسموا الأملاك قبل استيفاء الغريم جميع حقوقه بخلاف حق الشفيع في [ ص: 424 ] الشقص، فإنه لا يقدم على الورثة بالاتفاق، فلا شفعة في الميراث عند الجميع بالاتفاق.
3 - أن حق الشفيع سابق على الوقف.