المبحث الثالث:
nindex.php?page=treesubj&link=25337تقديم الدين على الوصية nindex.php?page=treesubj&link=25337الترتيب في التنفيذ بين الدين والوصية والميراث :
قال تعالى بعد أن بين أنصباء بعض الورثة:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11من بعد وصية يوصي بها أو دين ، وقال بعد أن بين أنصباء بعض آخر منهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم ، فعلم أن هذه الأنصباء إنما يستحقها أصحابها بعد الوصية والدين، وهذا دليل على تأخر الميراث في التنفيذ عن الوصية والدين.
وكما تؤخر المواريث في التنفيذ عنهما وتؤخر الوصية عن الدين، فإن استغرق الدين جميع التركة بطل حق الموصى له وحق الوارث، وإن فضل بعده شيء أخرجت الوصية من ثلث ما فضل، وقسم الباقي بين الورثة على حسب مواريثهم.
(18) ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من طريق
الحارث ، عن
علي رضي الله عنه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664418 "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، وأنتم تقرؤون الوصية قبل الدين" .
[ ص: 96 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : "والعمل على هذا عند عامة أهل العلم أنه يبدأ بالدين قبل الوصية"، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=58إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها والدين أمانة في ذمة المدين يجب عليه أن يؤديه، فكان مقدما على الوصية.
[ ص: 97 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : "اتفقوا أن المواريث التي ذكرنا إنما هي فيما أفضلت الوصية الجائزة، وديون الناس الواجبة، فإن فضلت بعد الديون شيء وقع الميراث بعد الوصية كما ذكرنا، واتفقوا أن الوصية لا تجوز إلا بعد أداء ديون الناس، فإن فضل شيء جازت الوصية، وإلا فلا".
وأما تقديم الوصية على الدين في الذكر، فنقول:
إن "أو" للتفريع لا للترتيب، وقد دل الحديث المتقدم المروي عن
علي رضي الله عنه، وما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من اتفاق الأمة على العمل به، على تقديم الدين على الوصية، ومعلوم أن السنة مبينة ومفسرة للقرآن، وقدمت الوصية في التلاوة على الدين لأمور، منها:
أولا: أن الوصية يأخذها الموصى له بغير عوض، فكان إخراجها شاقا على نفوس الورثة، مظنة أداؤها للتفريط فيها، بخلاف الدين فإن نفوس الورثة مطمئنة إلى أدائه; فلذلك قدمت في التلاوة؛ بعثا لهم على أدائها، وترغيبا لهم في إخراجها.
ثانيا: ولأنها حظ فقير ومسكين غالبا، والدين حظ غريم يطلبه بقوة وله مقال.
(19) لما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل ، عن
أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه،
nindex.php?page=hadith&LINKID=652418عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذ سنا، فجاء صاحبه يتقاضاه، فقالوا له، فقال: "إن لصاحب الحق مقالا"، ثم قضاه أفضل من سنه، وقال: "أفضلكم أحسنكم قضاء" فقدمت لذلك.
[ ص: 98 ] ثالثا: ولأن الوصية ينشئها الموصي من قبل نفسه، فقدمت تحريضا على العمل بها بخلاف الدين، فإنه ثابت بنفسه مطلوب أداؤه، سواء أوصى به أو لم يوص به.
رابعا: ذكر
السهيلي أن تقديم الوصية في الذكر على الدين; لأن الوصية إنما تقع على سبيل البر والصلة بخلاف الدين، فإنه إنما يقع غالبا بعد الميت بنوع تفريط، فوقعت البداءة بالوصية لكونها أفضل.
[ ص: 99 ]
الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ:
nindex.php?page=treesubj&link=25337تَقْدِيمُ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ nindex.php?page=treesubj&link=25337التَّرْتِيبُ فِي التَّنْفِيذِ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ :
قَالَ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ أَنْصِبَاءَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ، وَقَالَ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ أَنْصِبَاءَ بَعْضٍ آخَرَ مِنْهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةٍ مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ، فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْأَنْصِبَاءَ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّهَا أَصْحَابُهَا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَأَخُّرِ الْمِيرَاثِ فِي التَّنْفِيذِ عَنِ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ.
وَكَمَا تُؤَخَّرُ الْمَوَارِيثُ فِي التَّنْفِيذِ عَنْهُمَا وَتُؤَخَّرُ الْوَصِيَّةُ عَنِ الدَّيْنِ، فَإِنِ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ بِطَلَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ وَحَقُّ الْوَارِثِ، وَإِنْ فَضَلَ بَعْدَهُ شَيْءٌ أُخْرِجَتِ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِ مَا فَضَلَ، وَقُسِّمَ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى حَسَبِ مَوَارِيثِهِمْ.
(18) مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ
الْحَارِثِ ، عَنْ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664418 "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَأَنْتُمْ تَقْرَؤُونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ" .
[ ص: 96 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ : "وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ"، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=58إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَالدَّيْنُ أَمَانَةٌ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ، فَكَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصِيَّةِ.
[ ص: 97 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنُ حَزْمٍ : "اتَّفَقُوا أَنَّ الْمَوَارِيثَ الَّتِي ذَكَرْنَا إِنَّمَا هِيَ فِيمَا أَفْضَلَتِ الْوَصِيَّةُ الْجَائِزَةُ، وَدُيُونُ النَّاسِ الْوَاجِبَةُ، فَإِنْ فَضَلَتْ بَعْدَ الدُّيُونِ شَيْءٌ وَقَعَ الْمِيرَاثُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَاتَّفَقُوا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ أَدَاءِ دُيُونِ النَّاسِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِلَّا فَلَا".
وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْوَصِيَّةِ عَلَى الدَّيْنِ فِي الذِّكَرِ، فَنَقُولُ:
إِنَّ "أَوْ" لِلتَّفْرِيعِ لَا لِلتَّرْتِيبِ، وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ الْمَرْوِيُّ عَنْ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ مِنِ اتِّفَاقِ الْأُمَّةِ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ، عَلَى تَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ السُّنَّةَ مُبِيِّنَةٌ وَمُفَسِّرَةٌ لِلْقُرْآنِ، وَقُدِّمَتِ الْوَصِيَّةُ فِي التِّلَاوَةِ عَلَى الدَّيْنِ لِأُمُورٍ، مِنْهَا:
أَوَّلًا: أَنَّ الْوَصِيَّةَ يَأْخُذُهَا الْمُوصَى لَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَكَانَ إِخْرَاجُهَا شَاقًّا عَلَى نُفُوسِ الْوَرَثَةِ، مَظَنَّةً أَدَاؤُهَا لِلتَّفْرِيطِ فِيهَا، بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّ نُفُوسَ الْوَرَثَةِ مُطْمَئِنَّةٌ إِلَى أَدَائِهِ; فَلِذَلِكَ قُدِّمَتْ فِي التِّلَاوَةِ؛ بَعْثًا لَهُمْ عَلَى أَدَائِهَا، وَتَرْغِيبًا لَهُمْ فِي إِخْرَاجِهَا.
ثَانِيًا: وَلِأَنَّهَا حَظُّ فَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ غَالِبًا، وَالدَّيْنُ حَظُّ غَرِيمٍ يَطْلُبُهُ بِقُوَّةٍ وَلَهُ مَقَالٌ.
(19) لِمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16024سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=652418عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَخَذَ سِنًّا، فَجَاءَ صَاحِبُهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالُوا لَهُ، فَقَالَ: "إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا"، ثُمَّ قَضَاهُ أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ، وَقَالَ: "أَفْضَلُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً" فَقُدِّمَتْ لِذَلِكَ.
[ ص: 98 ] ثَالِثًا: وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ يُنْشِئُهَا الْمُوصِي مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، فَقُدِّمَتْ تَحْرِيضًا عَلَى الْعَمَلِ بِهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ بِنَفْسِهِ مَطْلُوبٌ أَدَاؤُهُ، سَوَاءٌ أَوَصَى بِهِ أَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ.
رَابِعًا: ذَكَرَ
السُّهَيْلِيُّ أَنَّ تَقْدِيمَ الْوَصِيَّةِ فِي الذِّكْرِ عَلَى الدَّيْنِ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِنَّمَا تَقَعُ عَلَى سَبِيلِ الْبَرِّ وَالصِّلَةِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَقَعُ غَالِبًا بَعْدَ الْمَيِّتِ بِنَوْعِ تَفْرِيطٍ، فَوَقَعَتِ الْبُدَاءَةُ بِالْوَصِيَّةِ لِكَوْنِهَا أَفْضَلَ.
[ ص: 99 ]