المطلب الثاني عشر
في بيع العين الموصى بمنفعتها
اختلف الفقهاء في بيع العين الموصى بمنفعتها للموصى له أو غيره.
القول الأول: أنه لا يجوز بيعها لغير الموصى له، لما يلزم على ذلك من بيع معين يتأخر قبضه، إذا كانت الوصية مؤقتة، أو بيع ما لا منفعة فيه إذا كانت مؤبدة، وكلاهما لا يجوز.
وهو مذهب مالك.
واختلفوا في بيعها للموصى له، فقال بالجواز مرة، وبالمنع مرة. مالك
وقال لا يجوز ذلك إلا لضرورة. سحنون:
القول الثاني: يجوز بيعها للموصى له ولغيره، كانت المدة معلومة أو مجهولة.
واختلفوا إذا كانت الوصية مؤبدة أو مطلقة لحملها على التأييد عندهم، فقيل: لا يجوز بيعها مطلقا للموصى له ولغيره، وقيل: يجوز مطلقا.
والأصح عندهم: جواز بيعها للموصى له دون غيره في هذه الحالة، كما أجازوا بيعها إذا اتفق الموصى له والورثة، أو الموصى له بالرقبة على بيع الرقبة والمنفعة في صفقة واحدة، ويوزع الثمن بينهما بنسبة قيمة الرقبة، وقيمة المنفعة.
[ ص: 122 ] وهو قول الشافعية .
واختلف الحنابلة : على قولين بالجواز مطلقا، والجواز من المالك دون غيره.
القول الثالث: يجوز بيعها للموصى له، وتبطل الوصية، كما تبطل إذا وافق الموصى له على البيع، ولا شيء له من الثمن، ومنعوا بيعها لأجنبي.
وبه قال الحنفية .
وأجاز بيعه، واشتراط المنفعة للموصى له. أبو ثور
الأدلة:
حجة من منع البيع مطلقا: أنه يلزم عليه بيع معين يتأخر قبضه إذا كانت الوصية مؤقتة، وبيع ما لا منفعة فيه إذا كانت الوصية مؤبدة، وتعلق حق الموصى له بمنفعة المبيع أيضا.
وحجة من أجاز ذلك مطلقا: ثبوت ملكية العين للوارث، فيجوز له بيعه كسائر الأملاك.
وحجة الفرق بين بيعه للموصى له وبيعه لغيره: أن بيعه للموصى له فيه منفعة للموصى له بتملك العين بعد ملكه المنفعة بخلاف بيعه لغيره، فلا منفعة فيه للمشتري، فلا يجوز.
وأما من فرق بين الوصية المؤبدة وغيرها فحجته: أن الوصية المؤقتة تنتهي بانتهاء الوقت، فتعود العين إلى مشتريها ينتفع بها، فالمنفعة فيها موجودة، وإن كانت مؤجلة فكان كشراء صغير لا نفع فيه وقت الشراء، ولكنه يئول إلى النفع.
والأقرب: أنه يجوز بيع العين الموصى بمنفعتها إذا كانت الوصية مؤقتة، [ ص: 123 ] أو كان البيع للموصى له، أو كانت مؤبدة، والبيع لغير الموصى له، وترتب على ذلك غرض صحيح.