الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المسألة الثانية: أن يكون الورثة متفاضلين في الميراث:

        إذا كان الورثة متفاضلين في الميراث، فللعلماء في ذلك قولان:

        القول الأول: أن للموصى له مثل نصيب أقلهم ميراثا زائدا على الفريضة.

        وهو قول جمهور أهل العلم.

        وحجته: أن عبارة الموصي تقتضي التسوية بينهما، وعند تفاضل الورثة في الميراث جعلنا له الأقل; لأنه اليقين وما زاد مشكوك فيه، فلا يثبت بالشك.

        القول الثاني: أنه يقسم المال سهاما متساوية على عدد رءوس الورثة، ثم يعطى الموصى له سهما منها، والباقي يقسم بين الورثة جميعا على حسب مواريثهم.

        وهو المعتمد عند مالك، وزفر، وابن أبي ليلى.

        [ ص: 157 ] وحجته: أن الورثة عند التفاضل في الميراث، لا يمكن اعتبار أنصبائهم لتفاضلهم، فلما تعذر العمل بقول الموصي اعتبرنا عدد رءوسهم.

        ونوقش من وجهين:

        الوجه الأول: عدم التسليم، فإنه لم يتعذر العمل بقول الموصي إذا أعطينا الموصى له مثل ما لأقل الورثة.

        الوجه الثاني: أننا لو أعطيناه سهما من عدد رءوسهم عند التفاضل لخالفنا ما تقتضيه عبارة الموصي; لأن ما أعطيه ليس بنصيب لأحد ورثته، وعبارته إنما اقتضت أن يعطى مثل نصيب أحدهم، وتفاضل الورثة في الميراث لا يمنع كون نصيب الأقل نصيب أحدهم، فيأخذ مثله الموصى له، عملا بما تفيده عبارة الموصي، وذلك أولى من إعطائه شيئا لا تدل عليه عبارة الموصي، ولا تقتضيه ظاهرا.

        القول الثالث: أنه يعطى نصف نصيب الذكر، ونصف نصيب الأنثى.

        وبه قال بعض المالكية .

        وحجته: الاحتياط للموصى له والورثة.

        القول الرابع: أنه يعطى نصيب ذكر.

        وبه قال بعض المالكية .

        وحجته: الاحتياط للموصى له.

        الترجيح:

        الذي يترجح عندي هو ما ذهب إليه جمهور أهل العلم ; لقوة دليله.

        [ ص: 158 ] وإليك مثالين على القولين السابقين: المثال الأول: إذا كان الورثة متساوين في الميراث.

        رجل أوصى بمثل نصيب أحد ورثته لشخص، وتوفي عن أربعة أبناء، فعلى قول الجمهور المسألة من خمسة لكل ابن سهم، وللموصى له سهم، وهو خمس التركة.

        وعلى قول مالك ومن وافقه، المسألة من أربعة: للموصى له ربعها وهو ربع التركة، والباقي ثلاثة للأبناء.

        المثال الثاني: إذا كان الورثة متفاضلين في الميراث.

        رجل أوصى بمثل نصيب أحد ورثته لشخص، وتوفي عن أربع زوجات وابن، فعلى قول الجمهور المسألة من ثمانية، وتصح من اثنين وثلاثين ، للزوجات الثمن، أربعة لكل واحدة سهم، والباقي للابن، ويضاف على سهام المسألة مثل حظ إحدى نسائه الأربع; لأنه الأقل، فتكون المسألة من ثلاثة وثلاثين: للموصى له سهم، ولكل زوجة سهم، والباقي للابن.

        وعلى قول مالك تقسم التركة على عدد رءوس الورثة، وعددها خمسة، فيكون للموصى له الخمس، والباقي يقتسمه الورثة على حسب فروضهم.

        "4" زوجات: (1) --- (4 \ 1) ابن : (7) --- (28) موصى له ( ) --- (1)صورتها على رأي الجمهور.

        وصورتها على رأي الإمام مالك واضحة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية