الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الناس (أي) : اسم مبهم، مفرد، منادى، و (ها) : تنبيه لازم لـ (أي) في النداء; لأن النداء موضع تنبيه، فلحقته (ها) كما تلحق (ذا) في غير النداء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: لزمتها عوضا من الإضافة; إذ أصل (أي) أن تضاف إلى الاستفهام.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي : دخلت (ها) في نحو: (يا أيها الرجل) ؛ إيذانا بأن الرجل هو المقصود بالنداء، ودخلت (أي) حين لم يسغ دخول حرف النداء على ما فيه الألف واللام; من حيث كان يحدث تعريفا كما يكون باللام، فتوصل إلى نداء ما فيه الألف واللام بـ (أي) ، وأجري صفة على (أي) ؛ فـ {الناس} صفة لـ (أي) ، وهي في النداء لازمة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 192 ] الأخفش : الأقيس أن يكون {الناس} صلة لـ (أي) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأجمع النحويون على رفعه سوى المازني ; فإنه أجاز النصب، قياسا على جوازه في: (يا هذا الرجل) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقودها الناس والحجارة الوقود بالفتح -: الحطب، وبالضم: المصدر، والمعنى: ذوو وقودها الناس والحجارة.

                                                                                                                                                                                                                                      أن لهم جنات موضع {أن} نصب بحذف الجار، وجر عند الخليل والكسائي بإضماره.

                                                                                                                                                                                                                                      وأتوا به متشابها الضمير في (أتوا) على قراءة من فتح الهمزة والتاء: للخدام، وعلى قراءة الجماعة: لأهل الجنة، و {متشابها} : حال من الضمير في {به} .

                                                                                                                                                                                                                                      {يستحيي} من قرأ بياء واحدة; حذف إحدى الياءين استخفافا، وهي [ ص: 193 ] لغة تميم، واسم الفاعل على هذه اللغة: (مستح) ، فالجميع: (مستحون) ، و (مستحين) ، وقراءة الجماعة على الأصل، وهو الأكثر في اللغة إذا كانت العين واللام حرفي علة أن تصح العين، وهي لغة أهل الحجاز وأكثر العرب، واسم الفاعل على هذه اللغة: (مستحيي) ، والجميع: (مستحيون) ، و (مستحيين) .

                                                                                                                                                                                                                                      وموضع (أن) من أن يضرب مثلا نصب بتقدير حذف (من) ، ونصب {بعوضة} على أنها بدل من قوله: {مثلا} ، [ و (ما) صلة، أو على أنها نكرة في موضع نصب على البدل من قوله: {مثلا} ]، و {بعوضة} نعت لـ (ما) ، فوصفت (ما) بالجنس المنكر; لإبهامها، قاله الفراء، والزجاج، وثعلب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو مفعول ثان، على أن يحمل على المعنى; لأن {يضرب} دخلها معنى (يجعل) .

                                                                                                                                                                                                                                      وحكى الكوفيون: أنها نصب على تقدير إسقاط الجار، والمعنى: (أن يضرب مثلا ما بين بعوضة فما فوقها) ، وحكوا: (له عشرون ما ناقة فجملا) ، وأنكره المبرد وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 194 ] ورفع {بعوضة} على أن (ما) بمعنى (الذي) ، و (هو) مضمرة، و {بعوضة} : خبر (هو) المضمرة، التقدير: (الذي هو بعوضة) .

                                                                                                                                                                                                                                      فما فوقها إن جعلت (ما) الأولى اسما; فالثانية عطف عليها، وإن جعلتها زائدة; فـ (ما) الثانية عطف على {بعوضة}.

                                                                                                                                                                                                                                      ماذا أراد الله بهذا مثلا يجوز أن يكون (ماذا) اسما واحدا للاستفهام في موضع نصب بـ {أراد} ، ويجوز أن يكون (ما) رفعا، و (ذا) بمعنى (الذي) ، وهي وصلتها خبر (ما) ، والعائد: محذوف، والتقدير: (ما ذا أراده الله) ، ولا تعمل {أراد} في (ما) على هذا الوجه; لأنه في صلة (الذي) ، ولا تعمل الصلة في الموصول، ولا فيما قبله، و {مثلا} منصوب على التفسير، وقيل: حال من (ذا) الذي في {بهذا} ، والعامل فيه معنى الإشارة.

                                                                                                                                                                                                                                      ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل (يحتمل أن يكون موضع {أن} نصبا على معنى: لئلا يوصل، أو كراهة أن يوصل) ، أو على البدل من (ما) ، أو يكون جرا [ ص: 195 ] على البدل من الهاء في {به} .

                                                                                                                                                                                                                                      كيف تكفرون بالله موضع {كيف} : نصب بـ {تكفرون} .

                                                                                                                                                                                                                                      وكنتم أمواتا هذه الواو: واو الحال، و (قد) : مضمرة عند الزجاج والفراء، على ما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      {ترجعون} و {ترجعون} يرجعان إلى معنى واحد.

                                                                                                                                                                                                                                      فسواهن سبع سماوات : {سبع} : بدل من (الهاء والنون) ، أو مفعول لـ (سوى) ؛ على تقدير: فسوى منهن سبع سماوات.

                                                                                                                                                                                                                                      {وهو} : تحريك (الهاء) الأصل، والإسكان استخفاف، وكأن الفاء، واللام، والواو لما كانت لا يسكت عليها; صارت بمنزلة ما هو من الكلمة، فأشبهت (وهو) : (عضدا) ، (وهي) : (كتفا) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 196 ] ومن أسكن مع (ثم) ؛ فلشبه (ثم) بـ (الواو) في اجتماعهما في النسق.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن أسكن في يمل هو [البقرة: 282]; فعلى تشبيه المنفصل بالمتصل، كما أدغموا (يد داود) وهو منفصل، كما يدغمون (رد) ، وكما قال: [من السريع]:


                                                                                                                                                                                                                                      فاليوم أشرب غير مستحقب إثما من الله ولا واغل

                                                                                                                                                                                                                                      فأقام الراء والباء والغين مقام (عضد) .

                                                                                                                                                                                                                                      ويسفك الدماء من نصب; فعلى جواب الاستفهام، ومن رفع; [ ص: 197 ] فعلى العطف على {يفسد} .

                                                                                                                                                                                                                                      {هؤلاء} الهمزة عند أبي علي لام الفعل، ففاؤه ولامه: همزة، وهي عند المبرد مبدلة من الياء التي كانت في (الذي) ، والتي لما وقعت بعد الألف; قلبت همزة.

                                                                                                                                                                                                                                      إن كنتم صادقين الجواب عند المبرد محذوف; أي: إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في الأرض; فأنبئوني.

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا سبحانك [انتصب {سبحانك} ] على المصدر، وهو يؤدي عن: (نسبحك تسبيحا) .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : فتح; لأن تأويله الإضافة، فطلب الكاف ففتح.

                                                                                                                                                                                                                                      وأعلم ما تبدون يجوز أن ينتصب {ما} بـ {أعلم} على أنه فعل، ويجوز [ ص: 198 ] أن يكون بمعنى: «عالم» ، [ويجوز أن يكون {ما} جرا بالإضافة، ويجوز أن يقدر التنوين في {أعلم} إذا قدرته بمعنى: «عالم» ]، وتنصب {ما} به; مثل قولك: (حواج بيت الله) .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: للملائكة اسجدوا ضم التاء ضعيف، ووجهه على ضعفه: الإتباع، فغيرت حركة الإعراب بحركة البناء استثقالا; للخروج من كسر إلى ضم، [ ص: 199 ] ونظيره: {الحمد لله} ، فيمن كسر الدال، وقد تقدم القول فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      فسجدوا إلا إبليس استثناء: إما منقطع، وإما متصل، على ما تقدم من أقوال المفسرين فيه، وقد تقدم القول في امتناع صرفه وصرف آدم، واشتقاقهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وكلا منها رغدا القول في إسكان الغين كالقول في إسكان الراء من {مرض} .

                                                                                                                                                                                                                                      فتكونا من الظالمين يجوز أن يكون {فتكونا} منصوبا على جواب النهي، أو مجزوما على العطف على {تقربا} .

                                                                                                                                                                                                                                      هذه الشجرة من قرأ: {هذي الشجرة} ؛ فهو الأصل، والهاء في {هذه} بدل من ياء; ولذلك انكسر ما قبلها، وليس في الكلام هاء تأنيث قبلها كسرة سواها; وذلك لأن أصلها الياء.

                                                                                                                                                                                                                                      فأزلهما الشيطان عنها قد تقدم القول في معنى (أزلهما) ، و (أزالهما) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقلنا اهبطوا ضم الباء لغة، يقويها أنه غير متعد، والأكثر في غير المتعدي [ ص: 200 ] أن يأتي على (يفعل) .

                                                                                                                                                                                                                                      فتلقى آدم من ربه كلمات القراءتان ترجعان إلى معنى; لأن آدم إذا تلقى الكلمات; فقد تلقته.

                                                                                                                                                                                                                                      فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم من كسر (إن) ؛ فعلى الاستئناف، ومن فتح; فعلى معنى (لأنه) .

                                                                                                                                                                                                                                      فإما يأتينكم مني هدى (إما) : هي (إن) التي للشرط، زيدت عليها (ما) للتأكيد; ليصح دخول النون للتأكيد في الفعل، ولو سقطت لم تدخل النون; لأنها لا تدخل في الواجب، إلا في القسم، أو ما يشبهه; كالاستفهام، والأمر، والنهي، من حيث كان ذلك مما تشتد الحاجة إلى التوكيد فيه، فـ (ما) تؤكد أول الكلام، والنون تؤكد آخره، والفعل مع النون مبني، وما قبلها مفتوح; لالتقاء الساكنين أو البناء.

                                                                                                                                                                                                                                      وجواب الجزاء في الفاء مع الشرط الثاني; وهو قوله: فمن تبع هداي ، وجواب الشرط الثاني: فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 201 ] ومن رفع فلا خوف عليهم ؛ فلأن الثاني معرفة، ولا يكون فيه إلا الرفع، فاختار في الأول الرفع; ليكون الكلام من وجه واحد، ومن نصب; فلما في النصب من عموم النفي لجميع الخوف على ترك مراعاة المعطوف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية