605 [ ص: 335 ] (باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ) .

وقال النووي: (باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة ) .

(حديث الباب ) .

وهو بصحيح مسلم النووي ص 110 ج 4 المطبعة المصرية .

[(عن أنس ) رضي الله عنه: قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فلم أسمع أحدا منهم يقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم ) .] .

التالي السابق

الشرح

(الشَّرْحُ) .

وَفِي رِوَايَةٍ: (فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ لَا يَذْكُرُونَ: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فِي أَوَّلِ الْقِرَاءَةِ، وَلَا فِي آخِرِهَا ) .

اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَا يَرَى الْبَسْمَلَةَ مِنَ الْفَاتِحَةِ. وَمَنْ يَرَاهَا مِنْهَا وَيَقُولُ: لَا يَجْهَرُ.

وَمَذْهَبُ طَوَائِفَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: أَنَّ الْبَسْمَلَةَ آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ. وَأَنَّهُ يُجْهَرُ بِهَا حَيْثُ يُجْهَرُ بِالْفَاتِحَةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ.

[ ص: 336 ] بِدَلِيلِ أَنَّهَا كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّ الْمُصْحَفِ، وَكَانَ هَذَا بِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ وَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنْ لَا يُثْبِتُوا فِيهِ بِخَطِّ الْقُرْآنِ غَيْرَ الْقُرْآنِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَجْمَعَ بَعْدَهُمُ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ، فِي كُلِّ الْأَعْصَارِ إِلَى يَوْمِنَا، وَأَجْمَعُوا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي أَوَّلِ بَرَاءَةٌ. وَأَنَّهَا لَا تُكْتَبُ فِيهَا.

وَهَذَا يُؤَكِّدُ مَا قُلْنَاهُ.

وَالْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، طَرْدًا وَعَكْسًا وَرَدًّا، يَسْتَغْرِقُ حِقَبًا يَطُولُ جِدًّا، وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

(الشرح) .

وفي رواية: (فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين؛ لا يذكرون: "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول القراءة، ولا في آخرها ) .

استدل بهذا الحديث من لا يرى البسملة من الفاتحة. ومن يراها منها ويقول: لا يجهر.

ومذهب طوائف من السلف والخلف: أن البسملة آية من الفاتحة. وأنه يجهر بها حيث يجهر بالفاتحة. وهو الصحيح المختار.

[ ص: 336 ] بدليل أنها كتبت في المصحف بخط المصحف، وكان هذا باتفاق الصحابة وإجماعهم على أن لا يثبتوا فيه بخط القرآن غير القرآن.

قال النووي: وأجمع بعدهم المسلمون كلهم، في كل الأعصار إلى يومنا، وأجمعوا أنها ليست في أول براءة. وأنها لا تكتب فيها.

وهذا يؤكد ما قلناه.

والكلام على هذه المسألة، طردا وعكسا وردا، يستغرق حقبا يطول جدا، وقد حققناه في غير هذا الموضع.