بيان
nindex.php?page=treesubj&link=28775معنى القضاء والقدر
قال في «أشعة اللمعات» : في «القاموس» : القدر - بالتحريك : القضاء والحكم . وفي «النهاية» : القدر : ما قضى الله وحكم به من الأمور ، وقد يسكن ، وليلة القدر هي التي تقدر وتقضى فيها أرزاق العباد وأعمالهم .
وفي «الصراح» القدر - بالسكون ، وبالحركة - : تقدير الله الحكم على العبد .
وبهذا ظهر أن «القضاء» و «القدر» بمعنى واحد ، وقد يفرق بينهما ، فيقال : «القضاء» : هو الحكم الأزلي ، و «القدر» : وقوعه في الأزل .
وبهذا المعنى يكون القضاء سابقا على القدر ، كما قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=39يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب .
[ ص: 147 ] فالمحو والإثبات عبارة عن القدر ، «وأم الكتاب» عبارة عن القضاء .
وقد يطلق على عكس ذلك ، فيراد بالقدر : التقدير الأزلي ، وبالقضاء : الإيجاد على وفقه ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=12فقضاهن سبع سماوات [فصلت : 12]; أي : خلقهن .
وعلى هذا فقوله : «جف القلم بما هو كائن» عبارة عن التقدير ،
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29كل يوم هو في شأن [الرحمن : 29] عبارة عن القضاء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في «المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى» : إن الحكم والقضاء والقدر : توجيه الأسباب نحو المسببات .
فالحكم مطلق ، والله سبحانه مسبب لجميع الأسباب ، مجملها ومفصلها ، ويتشعب ويتفرع من الحكم : القضاء والقدر .
فالتدبير الإلهي لأصل وضع الأسباب ، حتى تتوجه إلى جانب المسببات حكم له ، وإقامة الأسباب الكلية وإيجادها; كخلق الأرض والسماوات والكواكب مع حركاتها المتناسبة لها ونحوها ، مما لا يتغير ولا يتبدل ، ولا يعدم ، إلى أجل مسمى هو القضاء ، وتوجيه هذه الأسباب بالأحوال الملائمة ، والحركات المتناسبة المحدودة المقدرة المحسوسة ، إلى جانب المسببات وحدوثها آنا فآنا ، هو القدر .
فالحكم : هو التدبير الكلي لجميع الأوامر كلمح البصر . والقضاء : هو وضع الكل للأسباب الكلية الدائمة .
والقدر : هو توجيه هذه الأسباب الكلية بالمسببات المعدودة بعدد معين ، لا يزيد ولا ينقص .
ومن هنا إنه لا يخرج شيء من الأشياء من قضائه تعالى وقدره ، ولا يقبل الزيادة والنقصان . سبحانه ما أعظم شأنه !
بَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=28775مَعْنَى الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ
قَالَ فِي «أَشِعَّةِ اللَّمَعَاتِ» : فِي «الْقَامُوسِ» : الْقَدَرُ - بِالتَّحْرِيكِ : الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ . وَفِيَ «النِّهَايَةِ» : الْقَدَرُ : مَا قَضَى اللَّهُ وَحَكَمَ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ ، وَقَدْ يُسَكَّنُ ، وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ هِيَ الَّتِي تُقَدَّرُ وَتُقْضَى فِيهَا أَرْزَاقُ الْعِبَادِ وَأَعْمَالُهُمْ .
وَفِي «الصُّرَاحِ» الْقَدْرُ - بِالسُّكُونِ ، وَبِالْحَرَكَةِ - : تَقْدِيرُ اللَّهِ الْحَكَمِ عَلَى الْعَبْدِ .
وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ «الْقَضَاءَ» وَ «الْقَدَرَ» بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ، فَيُقَالُ : «الْقَضَاءُ» : هُوَ الْحُكْمُ الْأَزَلِيُّ ، وَ «الْقَدَرُ» : وُقُوعُهُ فِي الْأَزَلِ .
وَبِهَذَا الْمَعْنَى يَكُونُ الْقَضَاءُ سَابِقًا عَلَى الْقَدَرِ ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=39يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ .
[ ص: 147 ] فَالْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ عِبَارَةٌ عَنِ الْقَدَرِ ، «وَأُمُّ الْكِتَابِ» عِبَارَةٌ عَنِ الْقَضَاءِ .
وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ ، فَيُرَادُ بِالْقَدَرِ : التَّقْدِيرُ الْأَزَلِيُّ ، وَبِالْقَضَاءِ : الْإِيجَادُ عَلَى وَفْقِهِ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=12فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ [فُصِّلَتْ : 12]; أَيْ : خَلَقَهُنَّ .
وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ : «جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ» عِبَارَةٌ عَنِ التَّقْدِيرِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرَّحْمَنِ : 29] عِبَارَةٌ عَنِ الْقَضَاءِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ فِي «الْمَقْصِدِ الْأَسْنَى فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى» : إِنَّ الْحُكْمَ وَالْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ : تَوْجِيهُ الْأَسْبَابِ نَحْوَ الْمُسَبِّبَاتِ .
فَالْحُكْمُ مُطْلَقٌ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مُسَبِّبٌ لِجَمِيعِ الْأَسْبَابِ ، مُجْمِلُهَا وَمُفَصِّلُهَا ، وَيَتَشَعَّبُ وَيَتَفَرَّعُ مِنَ الْحُكْمِ : الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ .
فَالتَّدْبِيرُ الْإِلَهِيُّ لِأَصْلِ وَضْعِ الْأَسْبَابِ ، حَتَّى تَتَوَجَّهَ إِلَى جَانِبِ الْمُسَبِّبَاتِ حُكْمٌ لَهُ ، وَإِقَامَةُ الْأَسْبَابِ الْكُلِّيَّةِ وَإِيجَادُهَا; كَخَلْقِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ وَالْكَوَاكِبِ مَعَ حَرَكَاتِهَا الْمُتَنَاسِبَةِ لَهَا وَنَحْوِهَا ، مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ وَلَا يَتَبَدَّلُ ، وَلَا يُعْدَمُ ، إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى هُوَ الْقَضَاءُ ، وَتَوْجِيهُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ بِالْأَحْوَالِ الْمُلَائِمَةِ ، وَالْحَرَكَاتِ الْمُتَنَاسِبَةِ الْمَحْدُودَةِ الْمُقَدَّرَةِ الْمَحْسُوسَةِ ، إِلَى جَانِبِ الْمُسَبِّبَاتِ وَحُدُوثِهَا آنًا فَآنًا ، هُوَ الْقَدَرُ .
فَالْحُكْمُ : هُوَ التَّدْبِيرُ الْكُلِّيُّ لِجَمِيعِ الْأَوَامِرِ كَلَمْحِ الْبَصَرِ . وَالْقَضَاءُ : هُوَ وَضْعُ الْكُلِّ لِلْأَسْبَابِ الْكُلِّيَّةِ الدَّائِمَةِ .
وَالْقَدَرُ : هُوَ تَوْجِيهُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الْكُلِّيَّةِ بِالْمُسَبِّبَاتِ الْمَعْدُودَةِ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ ، لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ .
وَمِنْ هُنَا إِنَّهُ لَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ مِنْ قَضَائِهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ ، وَلَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ . سُبْحَانَهُ مَا أَعْظَمَ شَأْنَهُ !