وما فلولي الأمر العادل استخراجه منهم ، كالهدايا التي يأخذونها بسبب العمل قال أخذ ولاة الأموال وغيرهم من مال المسلمين بغير حق رضي الله عنه : هدايا العمال غلول أبو سعيد الخدري
وروى في كتاب الهدايا عن إبراهيم الحربي رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس } هدايا الأمراء غلول
وفي الصحيحين عن رضي الله عنه قال : { أبي حميد الساعدي الأزد يقال له ابن اللتبية ، على الصدقة ، فلما قدم ، قال : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما بال الرجل نستعمله على العمل مما ولانا الله ، فيقول : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، فهلا جلس في بيت أبيه ، أو بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ منه شيئا ، إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته ، إن كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ، اللهم هل بلغت ؟ اللهم هل بلغت ، ؟ ثلاثا } . استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من [ ص: 67 ]
وكذلك من المبايعة ، والمؤاجرة والمضاربة ، والمساقاة والمزارعة ، ونحو ذلك من الهداية ، ولهذا شاطر محاباة الولاة في المعاملة رضي الله عنه من عماله من كان له فضل ودين ، لا يتهم بخيانة ، وإنما شاطرهم لما كانوا خصوا به لأجل الولاية من محاباة وغيرها ، وكان الأمر يقتضي ذلك ; لأنه كان إمام عدل ، يقسم بالسوية فلما تغير الإمام والرعية ، كان الواجب على كل إنسان أن يفعل من الواجب ما يقدر عليه ، ويترك ما حرم عليه ، ولا يحرم عليه ما أباح الله له . عمر بن الخطاب
وقد يبتلى الناس من الولاة بمن يمتنع من الهداية ونحوها ; ليتمكن بذلك من استيفاء المظالم منهم ، ويترك ما أوجبه الله من قضاء حوائجهم [ ص: 68 ] فيكون من أخذ منهم عوضا ، على كف ظلم وقضاء حاجة مباحة ، أحب إليهم من هذا ، فإن الأول قد باع آخرته بدنيا غيره ، وأخسر الناس صفقة ، من باع آخرته بدنيا غيره ، وإنما الواجب كف الظلم عنهم بحسب القدرة ، وقضاء حوائجهم التي لا تتم مصلحة الناس إلا بها ، من تبليغ ذي السلطان حاجاتهم ، وتعريفه بأمورهم ، ودلالته على مصالحهم ، وصرفه عن مفاسدهم ، بأنواع الطرق اللطيفة وغير اللطيفة ، كما يفعل ذوو الأغراض من الكتاب ونحوهم في أغراضهم ففي حديث هند بن أبي هالة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : { } [ ص: 69 ] وقد روى أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها ، فإنه من أبلغ ذا سلطان حاجة من لا يستطيع إبلاغها ، ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزل الأقدام ، الإمام أحمد وأبو داود في سننه ، عن رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي أمامة الباهلي } . من شفع لأخيه شفاعة ، فأهدى له عليها هدية فقبلها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا
وروى عن إبراهيم الحربي قال : السحت ، أن يطلب للرجل ، فيقضى له فيهدي إليه ، فيقبلها ، وروي أيضا عن عبد الله بن مسعود أنه كلم مسروق في مظلمة فردها فأهدى له صاحبها وصيفا ، فرده عليه ، وقال : سمعت ابن زياد يقول : من رد عن مسلم مظلمة ، فرزأه عليها قليلا أو كثيرا ، فهو سحت ، فقلت يا ابن مسعود ما كنا نرى السحت إلا الرشوة في الحكم ، قال ذاك كفر أبا عبد الرحمن
فأما إذا كان فلا ينبغي إعانة واحد منهما ، إذ كل منهما ظالم ، كلص سرق من لص ، وكالطائفتين المقتتلتين على عصبية ورئاسة . ولي الأمر يستخرج من العمال ما يريد أن يختص به هو وذووه ،