، كل شراب مسكر من أي أصل كان ، سواء من الثمار كالعنب والرطب والتين ، أو الحبوب ، كالحنطة والشعير ، أو الطلول كالعسل ، أو الحيوان ، كلبن الخيل ، بل لما أنزل الله - سبحانه وتعالى - على نبيه والخمرة التي حرمها الله ورسوله ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بجلد شاربها محمد صلى الله عليه وسلم تحريم الخمر ، لم يكن عندهم بالمدينة من خمر العنب شيء ; لأنه لم يكن بالمدينة شجر عنب ، وإنما كانت تجلب من الشام ، وكان عامة شرابهم من نبيذ التمر ، وقد تواترت السنة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأصحابه رضي الله عنهم ، أنه حرم كل مسكر ، وبين أنه خمر .
وكانوا يشربون لا سيما من مياه الحجاز ، فإن فيه ملوحة ، فهذا النبيذ حلال بإجماع المسلمين ; لأنه لا يسكر ، كما يحل شرب عصير العنب ، قبل أن يصير مسكرا ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ، قد [ ص: 143 ] نهاهم أن ينبذوا هذا النبيذ في أوعية الخشب ، أو الجرر وهو ما يصنع من التراب ، أو القرع أو الظروف المزفتة ، وأمرهم أن ينبذوا في الظروف التي تربط أفواهها بالأوكية ; لأن الشدة تدب في النبيذ دبيبا خفيفا ، ولا يشعر الإنسان ، فربما شرب الإنسان ما قد دبت فيه الشدة المطربة ، وهو لا يشعر ، فإذا كان السقاء موكيا انشق الطرف ، إذا غلا فيه النبيذ ، فلا يقع الإنسان في محذور ، وتلك الأوعية لا تنشق [ ص: 144 ] النبيذ الحلو ، وهو أن ينبذ في الماء تمر وزبيب ، أي يطرح فيه ، والنبذ الطرح ; ليحلوا الماء
وروي عنه { } فاختلف الصحابة ومن بعدهم من العلماء ، منهم من لم يبلغه النسخ أو لم يثبته ، فنهى عن أنه صلى الله عليه وسلم ، رخص بعد هذا في الانتباذ في الأوعية وقال : كنت نهيتكم عن الانتباذ في الأوعية فانتبذوا ، ولا تشربوا المسكر ، ومنهم من اعتقد ثبوته ، وأنه ناسخ ، فرخص في الانتباذ في الأوعية فسمع طائفة من الفقهاء أن بعض الصحابة كانوا يشربون النبيذ ، فاعتقدوا أنه المسكر ، فترخصوا في شرب أنواع من الأشربة ، التي ليست من العنب والتمر ، وترخصوا في الانتباذ في الأوعية . [ ص: 145 ] المطبوخ من نبيذ التمر والزبيب ، إذا لم يسكر الشارب
والصواب ما عليه جماهير المسلمين ، أن كل مسكر خمر ، يجلد شاربه ولو شرب منه قطرة واحدة ; لتداو أو غير تداو ، فإن { ، فقال : إنها داء وليست بدواء ، وإن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها الخمر يتداوى بها } . النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن