الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في صفة الظئر]

                                                                                                                                                                                        ويستحب أن تكون الظئر ذات عقل، عفيفة عن الفاحشة، سالمة من العيوب التي يتقى حدوث مثلها في المرضع، ويكره أن تكون حمقاء، أو فاجرة، أو جذماء، لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن رضاع الحمقى والفاجرة، وقال: "إن الرضاع يغير الطباع". [ ص: 2163 ]

                                                                                                                                                                                        وروي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: إذا استرضع أحدكم فليستحسن. وأرى أن يجتنب مثل ذلك من زوج الظئر وأخيها إن قدر على ذلك؛ لأن الولد ينزع إلى الأب والخال.

                                                                                                                                                                                        واختلف في استرضاع النصرانية: فكرهها في "المدونة" خيفة أن تطعمه الخنزير أو تسقيه الخمر، ولم يكرهه من جهة الدين. قال مالك: وقد يكون لها طباع حسنة من عفاف وسخاء ومحاسن الأخلاق، وليس الطباع في الدين.

                                                                                                                                                                                        وقال في كتاب ابن حبيب: لا بأس ما لم يتخوف أن تطعمه ما حرم الله عز وجل. وقال ابن القاسم: كان مالك يكرهه، ويقول: إنما غذاء الصبي مما يأكلن، وهن يأكلن لحم الخنزير ويشربن الخمر.

                                                                                                                                                                                        ففي القول الأول: يجوز إذا كان رضاعه عن أبويه، ويسقط الاعتراض بما تطعمه، ويبقى الاعتراض من جهة اللبن في نفسه؛ لأنه نجس في أحد القولين في عرق السكران؛ لأن الجسم ينجس، وينجس اللبن بنجاسته ما يكون عنه، ولنجاسة الوعاء، كما قال في المرأة تموت إن لبنها نجس. [ ص: 2164 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف في استرضاع الحامل، فوقع في غير موضعه جوازه. وقال في كتاب الإجارة: إن حملت تنفسخ الإجارة. وهو أحسن؛ لأن رضاع الحامل مضر بالولد وربما أدى إلى موته.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الغيلة ما هي؟ فقال مالك: أن يطأ الرجل امرأته وهي ترضع. وقيل: أن ترضعه وهي حامل. والأول أحسن؛ لأن رضاع الحامل مضر وهو مما نهي عنه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عن الغيلة وأخبر أنها ليست بمضرة، فكان محمله على الوجه الآخر أبين، ولا يحمل على ما علم منه الضرر. [ ص: 2165 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية