الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في أحوال زوجة المفقود بعد انقضاء عدتها]

                                                                                                                                                                                        زوجة المفقود بعد انقضاء العدة على أربعة أوجه:

                                                                                                                                                                                        إما أن يأتي زوجها، أو العلم بحياته، أو يثبت موته، أو لا يتبين حياته ولا موته حتى يمضي التعمير.

                                                                                                                                                                                        فإذا أتى بنفسه، أو أتى العلم بحياته، منعت الأزواج ورجعت بالنفقة من يوم قطعت عنها، وذلك من يوم أخذت في العدة، وإن كانت تزوجت ودخل بها مضت زوجة للثاني، وإن تزوجت ولم يدخل بها كان موضع الخلاف هل تمضي زوجة للثاني أم ترد إلى الأول؟ وترجع بالنفقة. [ ص: 2235 ]

                                                                                                                                                                                        وإن ثبت موته كانت في موته على تسعة أوجه: فإما أن يثبت أن الموت وانقضاء العدة كان قبل تزويج الثاني، أو أن الموت كان قبل التزويج، أو أن الموت كان بعد التزويج والدخول، أو بعد التزويج وقبل الدخول، أو دخل الزوج في العدة، أو بعد انقضاء العدة، أو أن التزويج والدخول كانا في العدة، أو كان التزويج للعدة والدخول بعد، أو تعدم التواريخ فلا يدرى متى كان موته، فإن علم أن موته وانقضاء العدة منه كان قبل أن تتزوج الثاني ورثته وبقيت زوجة للثاني.

                                                                                                                                                                                        وكذلك إن علم أن موته كان قبل تزويج الثاني، فإنها ترثه ويفسخ نكاح الثاني، ثم ينظر إلى دخوله، فإن دخل قبل انقضاء العدة حرمت عليه، وإن دخل بعد فعلى الخلاف المتقدم.

                                                                                                                                                                                        وإن كان موته بعد التزويج وبعد الدخول لم ترثه، وبقيت زوجة للثاني، وإن كان موته بعد التزويج وقبل الدخول فعلى القول أن عقد الثاني فوت، تبقى زوجة له، ولا ميراث لها من الأول، وعلى القول أن العقد ليس بفوت، ترث الأول ويفرق بينها وبين الثاني، ثم ينظر هل حرمت على الثاني؟ فإن فسخ قبل الدخول لم تحرم، وإن دخل في العدة حرمت، وإن دخل بعد انقضاء العدة [ ص: 2236 ] لم تحرم؛ لأن العقد كان في الحياة، والدخول تأخر عن العدة، والعدة قد سلمت من أن يكون فيها عقد أو دخول.

                                                                                                                                                                                        وإن عدمت التواريخ وقد دخل الثاني لم ترث الأول، ولم يفرق بينها وبين الثاني، ولا يفرق بشك ولا ترث بشك.

                                                                                                                                                                                        وإن لم تعلم له حياة ولا موت حتى يموت بالتعمير نظرت: فإن لم تكن زوجته تزوجت ورثته، وإن كانت تزوجت ودخل بها لم ترثه وبقيت زوجة للثاني، فإن لم يدخل بها ورثته، وهذا ظاهر قول أصبغ؛ لأنه قال: ترثه امرأته ما لم تتزوج ويدخل بها، قال: فإن تزوجت قبل وقت التعمير ودخل بها، فلا ميراث لها. وأجراها على أحد القولين إذا أتى العلم بحياته ولم يدخل، وعلى هذا يفسخ الثاني.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: وأرى أن يمضي النكاح للثاني، وليس تمويته بالتعمير مما يحمل على أنه كان حيا في الحقيقة إلى ذلك الوقت، وإنما هذا في ظاهر [ ص: 2237 ] الحكم، وإلا فيحتمل أن يكون مات قبل ذلك، ولا يفرق بينها وبين الآخر بالشك، ولا ترث الأول.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية