باب في ومن يجوز له أن يطعم ومن يجوز له أن يأخذ تلك الكفارة قدر الإطعام في الظهار وجنسه
اختلف عن في قدر الإطعام على ثلاثة أقوال، فقال في المدونة: يطعم مدا بمد هشام لكل مسكين. وقال في كتاب ابن حبيب: مدين بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال مالك ابن القصار: مدا بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال إن غدى وعشى أجزأه وجعله مثل كفارة اليمين بالله تعالى. وهذا مثل ما عند ابن الماجشون: ابن القصار.
واختلف في قدر مد هشام، فقال في المدونة: هو مدان إلا ثلثا بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن القاسم هو مد وثلث. ذكر البغداديون عن ابن حبيب: أنه مدان بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -. معن بن عيسى
قال الشيخ - رضي الله عنه -: أوجب الله سبحانه ثلاث كفارات:
تعالى وهي مقيدة بقول الله سبحانه: كفارة اليمين بالله من أوسط ما تطعمون أهليكم [المائدة: 89] ، وهي مقيدة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مدان [ ص: 2349 ] لكل مسكين". وفدية الأذى،
وكفارة الظهار، وهي مطلقة، فردها مرة إلى فدية الأذى؛ لأن الزوجة محرمة لما عقد من الظهار، فلا تباح إلا بما لا شك فيه، وهو أعلى الكفارات، وهي فدية الأذى، وردها مرة إلى كفارة الأيمان؛ لأن الأصل في الذمة البراءة، فلا يلزم إلا ما لا شك فيه، ولم يردها في القول الثالث إلى شيء من هاتين الكفارتين، وراعى أعلى الشبع، ورأى أن يجزئه مد بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -، لوجوه:
أحدها: أن الأصل براءة الذمة، فلا يلزم إلا ما لا شك فيه.
والثاني: إذا كان اثنان مطلق ومقيد من جنس، رد المطلق إلى المقيد، ورد الظهار إلى كفارة الأيمان أشبه؛ لأنها في معنى اليمين، وفدية الأذى ليست بيمين.
والثالث: أنه لم يختلف قوله في العتق عن الظهار: إنه لا يجزئ إلا مؤمن لما كان مقيدا في آية القتل، فكذلك الإطعام، ومنها أن ذلك مروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: وهذا حديث صحيح ذكره الترمذي في مسنده. [ ص: 2350 ] "أنه أعطى المظاهر عذقا فيه خمسة عشر صاعا، وقال: أطعم ستين مسكينا"،