باب ما تكون المتعة فيه من الطلاق، وما تسقط فيه
لقول الله عز وجل: الزوجة تمتع في الطلاق دون الوفاة، وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين وقوله: ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره الآية، وقوله: إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن .... الآية. وهي: أن يكون الفراق بطلاق عن نكاح صحيح أو فاسد فات وصار أمره إلى ألا يفسخ، وأن يكون الفراق بعد الدخول أو قبل ولم يتراضيا على تسمية، وألا يكون الطلاق برغبة من الزوجة. والمتاع يصح بشروط،
للمطلقة قبل الدخول إذا كان قد سمى صداقها، والمختلعة، والمفتدية، والمبارية، والملاعنة، والمعتقة تحت العبد تختار نفسها، والتي ردت بعيب، والتي نكحت نكاحا فاسدا وحكم بفسخه قبل الدخول أو بعده، والتي نكحت نكاحا صحيحا فطرأ ما يوجب الفسخ دون الطلاق. ولا متاع لتسع:
فلم تكن للمطلقة قبل الدخول -إذا سمى لها صداقا- متاع، لقول الله سبحانه في التي نكحت على تفويض: فمتعوهن وفي التي سمي لها: فنصف ما فرضتم ولأن المتاع تسلية لوحشة الفراق، فأمر من نكح على تفويض إذا لم يصل إليها شيء يكون فيه عزاء من فراقه بالمتاع، ولم يؤمر به من سمى; لأن المبيع باق لها لم يتلف عليها شيئا، فكان فيما تأخذه من نصف [ ص: 2514 ] الصداق تسلية لذلك، ولم يكن للمختلعة ولا للمفتدية ولا المبارية متاع; لأن الفراق باختيارهن، والزوج يقول: هي كرهتني ورغبت بنفسها عني، فلا أمتع من جاء الفراق من سببه. وقد تفعل ذلك رغبة في غيره.
وكذلك المعتقة لا متاع لها، بل هي أبعد; لأن الفراق من قبلها، ولا سبب للزوج فيه، بل هو مكره على الفراق، ولم تكن متعة فيما حكم بفسخه لفساده; لأن الفراق لم يكن بطوعه، بل هي مصيبة نزلت بالزوجين، وسواء كان فساده مجمعا عليه أو مختلفا فيه; لأن الحكم بفساده يرفع الخلاف، وكذلك إذا كان صحيحا فطرأ ما أوجب الفسخ، هي مصيبة نزلت بهما. وقال في كتاب ابن القاسم محمد فيمن فلا متعة لها. اشترى امرأته، أو اشترت زوجها، أو تزوج أمها ودخل بها وهو لا يعلم:
يسقط في ثلاثة، ويحسن أن يثبت في وجه، فيسقط إذا كان الفسخ لا سبب فيه لواحد من الزوجين، أو كان ذلك من سبب الزوجة خاصة، أو من سبب الزوج، وهو غير عالم أن فعله يوجب الفسخ، ويثبت إذا كان عالما أن فعله يوجب الفراق، فإن والفسخ يطرأ على النكاح من أربعة أوجه: -لم يكن لها متاع; لأنه لا سبب لهما فيه. تزوج صغيرة على تفويض فأرضعتها أمه أو أخته أو زوجة له أخرى
ولو كان الرضاع بأمر الزوج رأيت لها المتاع; لأن الفراق كان بقصد من الزوج، وإن كان سمى لها صداقا كان لها نصف المسمى، وقد مضى ذكر [ ص: 2515 ] ذلك في كتاب النكاح الثالث، إذا تزوج الأم وهو غير عالم أو ارتد، أن لها الصداق، لأن الفراق جاء من قبلها وهو كاره، وإن اشتراها لم تمتع; لأنها باقية متعة له، ولو اشترى بعضها متعها. وإن اشترت زوجها لم تمتع;
وروى عن ابن وهب أنه قال: مالك بخلاف التي تعتق تحت العبد فتختار الفراق، وهذا صحيح لوجهين: للمخيرة المتعة
أحدهما: قول الله عز وجل في تخيير النبي - صلى الله عليه وسلم - أزواجه: فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا [الأحزاب: 28].
والآخر: أنها قد تختار الفراق وهي كارهة، ولا ترضى بالمقام لما أظهر من اطراحها، وأن عليها في البقاء بعد التخيير ذلة إلا أن تكون هي المبتدئة والطالبة لذلك.
ولم تمتع القائمة بالعيب يحدث بالزوج، ولا بعدم النفقة، ولا بما ينزل بالزوج من جباب أو خصاء فتطلق عليه; لأن كل ذلك باختيارها، ولو كان لها المتاع; لأن الامتناع منه، وهو مضار قاصد إلى الطلاق. [ ص: 2516 ] كان الطلاق عن إيلاء، وهو قادر على الإصابة