الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        واختلف إذا ذهب الماء من اليد قبل استيعاب مسح جميع الرأس، فقال أشهب في سماعه عن مالك: قلت: أحب إليك أن يمسح مرتين مرتين ؟ قال: ذلك يختلف بكثرة الماء، فتكون المسحة الواحدة، وبقلته فتكون اثنتين. [ ص: 29 ]

                                                                                                                                                                                        وذكره ابن حبيب عن مالك في مسح المرأة رأسها ، وقال ابن القاسم في " العتبية" : إن مسح رأسه بإصبع واحد أجزأه ، ومعلوم أن الإصبع لا تعم بالماء.

                                                                                                                                                                                        وإلى هذا ذهب إسماعيل القاضي ؛ لأنه لا يراعي ما بلغ الماء حين المسح، وشبهه بالتيمم، وقد يستخف مثل ذلك للاختلاف في مسح جميع الرأس إذا كان ذهاب الماء بعد مسح الناصية أو الثلث أو الثلثين على الاختلاف المتقدم. والقياس أن يعم جميعه ببلل يديه، كما عليه أن يعم غيره من أعضاء الوضوء بالغسل.

                                                                                                                                                                                        والفرض في مسح الرأس واحدة، وبلوغ اليدين إلى مؤخره، ولا خلاف أنه لو اقتصر على ذلك ولم يردهما أجزأه، والسنة ردهما من القفا إلى مقدم الرأس .

                                                                                                                                                                                        قال القاضي أبو الحسن علي بن القصار : ولو بدأ رجل من مؤخر رأسه [ ص: 30 ] إلى مقدمه لكان المسنون أن يردهما من المقدم إلى المؤخر .

                                                                                                                                                                                        واختلف في رد اليدين ثالثة، فقيل: لا فضيلة في ذلك. وعلى هذا غير واحد من البغداديين.

                                                                                                                                                                                        وقال إسماعيل القاضي : جاءت أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسح الرأس ثلاثا . قال: ويمكن أن يكون ذلك أن يمر اليدين من المقدم إلى المؤخر ثم يردهما إلى المقدم ثم يردهما إلى المؤخر; نحو ما روي عن عطاء، يريد ولا [ ص: 31 ] يستأنف الماء للثانية ولا للثالثة.

                                                                                                                                                                                        وقد يدخل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح ثلاثا في الحديث أنه توضأ ثلاثا ثلاثا ; لأنه لم يخص ما سوى الرأس، ولا فائدة في إعادة اليد الثانية والثالثة إلا أن يكون قد بقي في اليد بلل. والغالب بقاء البلل في اليد.

                                                                                                                                                                                        والمرأة في مسح الرأس بمنزلة الرجل تمسح جميعه، ويختلف في مسحها الدلالين وما طال من الشعر عن القفا، نحو ما تقدم فيما طال من شعر اللحية عن الذقن.

                                                                                                                                                                                        وقال في " المدونة" : تمسح الدلالين. قال: وكذلك الرجل الذي له الشعر الطويل .

                                                                                                                                                                                        وقال في " الواضحة" : إذا كان شعرها مرسلا انتهت إلى آخره . وهذا هو أحد القولين، وعلى القول الآخر ليس عليها أن تمسح إلا ما قابل الجمجمة. وإن كان معقوصا مسحت على عقصتها وتباشر الشعر بالمسح، ولا تمسح على الوقاية ، ولم يرها مالك في ذلك بمنزلة الخفين ، وكذلك الحناء تكون برأسها، فإن عمته بالحناء لم يجزها المسح عليها. وإن سترت الحناء بعض الشعر [ ص: 32 ] جرى على الاختلاف فيمن مسح بعض رأسه فينظر القدر الذي ظهر، إلا أن تكون فعلت ذلك لعلة فيجزئها المسح. وإن سترت الحناء جميعه، فإذا أزالتها أعادت مسح ما تستر ، وإن ذهب أو انتثر بعضه مسحت ما ظهر منه على قول لمالك، وعلى قول أشهب لا تعيد المسح إذا لم يذهب ما على الناصية. وعلى قول أبي الفرج ومحمد بن مسلمة : لا تعيد إذا كان قدر الذي لم يذهب منه لو اقتصر عليه بالمسح لأجزأ.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية