فصل [في أقسام الأذان]
الأذان على خمسة أقسام:
سنة، ومختلف فيه هل واجب أو سنة؟ ومستحب، ومختلف فيه هل هو مستحب أم لا؟ وممنوع.
فالأول: الأذان في المواضع التي العادة أن يجتمع الناس بها ، كالجوامع والمساجد، والمواضع التي الشأن اجتماع الناس فيها كعرفة ومنى، والعدد الكثير يكونون في السفر.
وقال في المدونة: وإمام مصر يخرج إلى الجنازة فتحضره الصلاة، فالأذان في هذه المواضع سنة لا تترك، وهو في الجامع والمساجد آكد; لأنه حفظ للأوقات ولإقامة الجماعات، فلا يجوز لأحد تركه . ولمالك في الموطأ أنه [ ص: 246 ] واجب . ولو ضيع الأذان لم يتحصل لكثير من الناس الأوقات، ولفاتهم أداء الصلاة في الجماعات.
والثاني: الأذان للجمعة، قيل: سنة; بمنزلة غيرها من الصلوات. وقيل: واجب. وهو أحسن; لتعلق الأحكام به من: وجوب السعي، وتحريم البيع والشراء.
والثالث: أذان الفذ في السفر فهو مستحب; لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: " إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع من صوتك، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة" ، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وقال سعيد بن المسيب: من صلى بأرض فلاة فأذن وأقام صلى وراءه أمثال الجبال من الملائكة .
والرابع: أذان الفذ في الحضر والجماعة في غير المصر لا يحتاجون إلى إعلام غيرهم، فقال مرة: الأذان حسن. وفي مختصر ما ليس في المختصر قال: لم يكن مالك يستحب الأذان لمن يصلي وحده إلا أن يكون مسافرا.
وقاله ابن حبيب فيمن صلى وحده في منزله أو أم جماعة في غير [ ص: 247 ] المسجد، قال: فلا أذان لهم إلا المسافر .
وقال ابن المسيب ومالك: وإن أقام فحسن .
وهذا هو الصواب; لأن الأذان لم يكن لنفسه، وإنما جعل ليدعى به الغائب للصلاة، وقد كانت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير أذان، فلما كثر الناس أرادوا أن يجعلوا علما يجتمع له الناس; فقال بعضهم: نوروا نارا، وقال بعضهم: نجعل ناقوسا كناقوس النصارى، وقال بعضهم: قرنا كقرن اليهود، فأري هذا الأذان في المنام فدعوا إلى الصلاة بالقول: حي على الصلاة، حي على الصلاة، واستفتح بذكر الله وختم به، وهو شأن العرب أن يستفتحوا كلامهم بذكر الله .
وإذا كان ذلك لم يكن لأذان الفذ وجه; لأنه لا يدعو أحدا ، وحسن في المسافر لما جاء فيه أنه يصلي خلفه الجبال من الملائكة ، فصار في معنى الجماعة.
والخامس: الأذان للفوائت والسنن كالعيدين والخسوف والاستسقاء والوتر وركعتي الفجر وأذان النساء للفرائض، فذلك مكروه; فأما الفوائت [ ص: 248 ] فإنه لا يدعو أحدا إليها فيزيدها فوتا.
وأما السنن فالثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يكن يؤذن لها .
وأما النساء فإنه ليس من شأنهن الإمامة .


