فصل [في أحكام رأس مال السلم المضمون]
نفوذ رأس المال المسلم على وجهين : مضمون، ومعين.
فإن كان مضمونا أمر أن يكون النقد حين العقد، ليخرجا من الخلاف، فإن نقد بعد يوم أو يومين بغير شرط لم يفسد.
واختلف إذا تأخر المدة البعيدة، أو حتى حل الأجل وذلك في [ ص: 2965 ] الكتاب الثالث .
وإن تأخر المدة البعيدة أو حتى حل الأجل بشرط، فإن شرط فسد السلم.
واختلف إن شرط التأخير المدة اليسيرة، كاليوم واليومين، أو اشترط تأخير الشيء اليسير من رأس المال المدة البعيدة، هل يصح السلم، أو يفسد جميعه، أو يفسد منه بقدر ما تأخر؟.
وإن شرط تأخير ما له قدر فسد من السلم بقدر ما تأخر.
ويختلف هل يصح قدر ما نقد منه؟
فأجاز مالك تأخير جميع رأس المال بشرط اليومين والثلاثة . وابن القاسم
وحكى وغيره من البغداديين أن ذلك فاسد، للحديث أنه - صلى الله عليه وسلم -: ابن سحنون ، فإذا افترقا على أن الذمتين عامرتان يقضى أحدهما إلى أمد قليل والآخر إلى أمد كثير كان الكالئ بالكالئ. "نهى عن الكالئ بالكالئ"
وأجيز في القول الآخر; لأن التأخير اليسير في جنب الكثير في معنى [ ص: 2966 ] النقد، ولو كان أجل السلم اليومين والثلاثة على القول بإجازة ذلك لم يجز أن يتأخر رأس المال ذلك القدر وكان دينا بدين.
وأجاز في كتاب مالك محمد في الكراء المضمون إذا نقد الثلثين وتأخر الثلث .
فيجوز على هذا مثل ذلك في السلم.
وأجاز في كتاب أشهب محمد إذا تأخر الشيء اليسير بشرط .
وكل هذا عند فاسد، ينقض جميعه ; لأنه يرى أن الأتباع مراعاة في نفسها، والقياس بعد تسليم القول أن الأتباع مراعاة في نفسها ألا يبطل إلا القدر الذي تأخر، وأما إذا تأخر الشيء الكثير النصف ونحوه، فسدت جميع الصفقة، وهذا هو المعروف من المذهب. ابن القاسم
وحكى ابن القصار قولا آخر أنه يمضي ما تناجزا فيه.
ويجري فيها قول ثالث: أنه إن سميا لكل قفيز ثمنا صح ما تناجزا فيه، وإن لم يسم فسد الجميع، ذكره أبو محمد عبد الوهاب، وحكى ابن القصار قولا آخر في الصرف إذا سميا لكل دينار ثمنا صح ما تناجزا فيه، وقد تقدم ذلك في كتاب الصرف . [ ص: 2967 ]
وأرى أن يفسد ما لم ينقده وحده; لأنا نعلم إنما هذه صفقة لم ينعقد أحدهما بسبب الآخر.