باب فيمن اقتضى من ثمن الطعام طعاما
ومن باع طعاما فقضى في ثمنه طعاما، فإن كان مثله في الصفة والكيل جاز، وهي كالإقالة، وإن كان أكثر كيلا أو أجود صفة لم يجز; لأنهما يتهمان أن يكونا عملا على سلف بزيادة، وإن كان أقل كيلا وأدنى صفة كان فيها قولان، وأرى أن يجوز; لأنه لا يتهم على خسارة. قال فضل: إنما كره ذلك لما يتخوف في الطعام من السوس، وهذا إنما يخشى إذا كان بين الكيلين ما يرى أن الناس يدفعونه للضمان، ويكون هناك ما يوجب أن يخرجه عن يده ليضمن، أما أن يكون في وقت يخشى عليه الفساد، ويكون بين بيعه وبين اقتضائه ما يتغير فيه الأول أو تكون فتنة.
وكل ما لا يجوز للبائع أن يأخذه من المشتري منه، فإنه إن أحال بالثمن على المشتري لم يكن للمحال أن يأخذه من المحال عليه، وكذلك إن أحال المشتري البائع على غريم له، لم يأخذ البائع من المحال عليه إلا ما كان يجوز له أن يأخذه من المشتري منه، وهذا حماية، ولا أفسخه إن نزل، وإن أحال البائع على المشتري رجلا فأحاله المشتري على آخر جاز أن يأخذ طعاما، أي صنف أحب; لأن المنع في الأول لأجل التهمة خيفة أن يكونا عملا على ذلك، فإذا خرجت يد البائع والمشتري، وصار الآخذ والمأخوذ منه غير المتبايعين في ذلك الطعام، ضعفت التهمة، وقد تقدم بيان ذلك في الكتاب الأول.
ومن باع حبا فلا يقبض من المشتري في ثمنه ما ينبت ذلك الحب إذا كان [ ص: 3099 ] بينهما من الأجل ما ينبت ذلك الحب فيه، قال في كتاب مالك محمد: وما هو بالحرام البين . يريد: أن ذلك حماية، واختلف فيمن باع ثمرة حائطه بعد الطيب، فلما صار تمرا أقال منه:
فقال مرة: لا بأس به . ومرة: لا خير فيه إلا أن يفلس المشتري فيكون البائع أحق بها من الغرماء . مالك
وأرى أن يجوز وإن لم يفلس; لأنه طعامه بعينه فلا يدخله طعام بطعام. [ ص: 3100 ]