الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن رد المبيع بعيب فلم يقبض ثمنه حتى فلس بائعه فوجده، هل يأخذه؟]

                                                                                                                                                                                        وإن حدث في المبيع عيب ثم فلس المشتري فإنه لا يخلو من أن يكون ذلك من سبب أجنبي وأخذ له المشتري أرشا أو من قبل الله -عز وجل- أو من سبب المشتري، فإن كان من فعل آدمي وأخذ له أرشا ثم ذهب ذلك العيب كالموضحة ثم عاد لهيئته كان للبائع أخذه ولا شيء له من الأرش; لأنه لم ينظر به. . . بشيء.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد فيمن اشترى عبدا ثم شج موضحة وأخذ أرشها ثم عاد لهيئته ثم وجد عيبا رده ولم يرد ما أخذ في الموضحة، قال محمد: فإن لم يعد لهيئته رده وأخذ الباقي بما ينوبه من الثمن يوم البيع وحاص بما نقصت الجناية ويصير بمنزلة سلعتين وجد في إحداهما عيب.

                                                                                                                                                                                        واختلف عن مالك إذا كان ذلك من الله سبحانه ولم يأخذ له عوضا فقال مرة: يأخذ الباقي بجميع الثمن أو يحاص .

                                                                                                                                                                                        وقال في مختصر ما ليس في المختصر فيمن اشترى جارية فحدث بها [ ص: 3175 ] عيب فالبائع بالخيار إن شاء أخذها بقيمتها وإن شاء حاصهم بالثمن.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا كان من سبب المشتري فقال مالك في كتاب ابن حبيب فيمن اشترى ثوبا فلبسه حتى خلق فالبائع بالخيار إن شاء أخذه بحقه كله أو أسلمه وحاص. قال ابن الماجشون: إلا أن يكون الذي دخله من البلاء فاحشا جدا فلا يكون له أخذه .

                                                                                                                                                                                        والقياس أن يفض الثمن على الذاهب والباقي ويسقط من الثمن ما ينوبه الموجود الآن يضرب بما ينوب ما أبلى منه; لأنه شيء قبضه منه، ولذلك بذل الثمن وليس بمنزلة ما ذهب بأمر من السماء وهو بمنزلة ما أخذ له أرشا.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا كان عبدا كبيرا فهرم هل يكون له أخذه قياسا على من اشترى عبدا فهرم عنده ثم وجد عيبا فاختلف فيه هل يكون ذلك فوتا، ويمنع الرد فعلى القول أن ذلك فوت لا يكون لهذا أن يأخذ في الفلس وعلى القول أنه ليس بفوت له أن يأخذه.

                                                                                                                                                                                        ثم يختلف هل يضرب بما نقصه الهرم على ما قال في الجارية يحدث بها عيب ثم يفلس مشتريها، وإن كان صغيرا فكبر كان فوتا ولم يأخذه، وقد اختلف إذا وجد به عيبا بعد أن كبر، والأمر فيهما سواء. [ ص: 3176 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية