فصل [في كيفية دفع الآبق والدواب والثياب إلى مدعيها وواصفها]
واختلف إذا حبس الآبق ثم أتى رجل فادعاه ووصفه هل يدفع إليه بالصفة من غير بينة؟ فقال يتلوم له في ذلك، فإن لم يأت من يطلبه [ ص: 3219 ] دفعه إليه وضمنه . وقال ابن القاسم: لا يأخذه بالصفة. وإليه رجع أشهب: وقال: لا يدفع إلا ببينة طال مقامه أو لم يطل . سحنون،
وإن اعترف لغيره بالرق كان لمن اعترف له بالرق دون من وصفه قولا واحدا، وإن اعترف لغائب كتب إليه، فإن ادعاه كان أحق به.
واختلف إذا أنكر العبد هذا المدعي ولم يقر لغيره وهو يقر بالعبودية، أو قال: أنا حر، وهو معروف بالرق، هل يكون لمن ادعاه؟ فأما الصفة فأرى أن يدفع إليه إذا وصف صفة تخفى وليست بظاهرة.
وكذلك الدواب تدعى فإنه يختلف فيها هل تدفع بالصفة من غير بينة; لأنها مما يتصرف بها ويظهر صفتها؟ وأما الثياب فدفعها بالصفة أبين، والصفة فيها كالعفاص والوكاء في الدنانير. قال في المتاع يسرق ابن القاسم بمكة فيدعيه رجل ويصفه: يدفع إليه، وإن لم تكن بينة.
واختلف في استحقاقه بشهادة البينة على الصفة، وفي رجوع المستحق من يده على بائعه بالشهادة على الصفة أنه استحق من يده عبد على صفة كذا.
فأجازه في الوجهين جميعا; فقال فيمن أتى يدعي عبدا بكتاب قاض أنه أبق له عبد على صفة كذا وشهادة الشهود فيه على الصفة: إنه يقضى له به . وإن استحق عبد من يد رجل بشهادة بينة عرفت أنه ملكه، فأتى [ ص: 3220 ] المستحق من يده بكتاب القاضي باستحقاقه ومعه العبد موافق لصفة الكتاب، أو ليس معه العبد: قضي له بالثمن على البائع . ابن القاسم
وخالف في استحقاقه بالشهادة على الصفة، فقال فيمن أبق له غلام من ابن كنانة مصر إلى الأندلس، فأتى بكتاب من قاضي مصر على الصفة أنه أبق له عبد ونعته ووصفه، وأثبت الكتاب عند قاضي الأندلس، فأنكر العبد أن يكون هذا سيده: فلا يأخذه بذلك إن ادعى العبد الحرية أو كان في يد من يدعيه لنفسه. وأجاز ذلك إذا اعترف له العبد .
ومنع ذلك إذا أتى به المستحق من يده ومعه صفة موافقة لما في كتاب القاضي، إلا أن تشهد البينة أنه العبد الذي في الحكم، وأجاز المستحق بالبينة على الصفة، وفرق بين الموضعين; لأن الشهادة على الصفة إنما تجوز للضرورة، وهؤلاء الذين شهدوا على حكم القاضي قادرون على أن يشهدوا على عينه، وإذا كان العبد غائبا قبلت الشهادة ها هنا على الصفة; لأنها ضرورة لا يقدر على غير ذلك. أشهب
وأرى إذا أغفل القاضي أن يشهدهم على عين العبد حتى خرجوا وبعدوا أن تقبل الشهادة على الصفة وتصير ضرورة. واختلف هل يطبع في عنق العبد، والطبع أحسن.