الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في العبد الغير المأمون له يأذن له سيده]

                                                                                                                                                                                        ولا ينبغي للسيد أن يأذن لعبده في التجارة إذا كان غير مأمون فيما يتولاه، إما لأنه يعمل بالربا أو خائن في معاملته أو ما أشبه ذلك. فإن تجر وربح وكان يعمل بالربا تصدق بالفضل فإن كان يجهل ما يدخل عليه من الفساد في تجره ذلك استحسن له الصدقة بالربح من غير جبر.

                                                                                                                                                                                        قال مالك: ولا يستأجر الرجل عبده النصراني ولا يأمره أن يبيع له شيئا لقوله تعالى: وأخذهم الربا وقد نهوا عنه [النساء: 161] .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: فإن أذن له في التجارة فتجر مع المسلمين كان الحكم فيما أتى به على ما تقدم في العبد المسلم. [ ص: 3239 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان تجره مع أهل دينه فأربى وكان تجره في الخمر فعلى القول أنهم مخاطبون بفروع الإسلام يكون الجواب فيهم على ما تقدم إذا كانت مبايعتهم تلك مع المسلمين وعلى القول أنهم غير مخاطبين إلا بعد تقدم الإسلام يسوغ للسيد ما أتى به من ذلك، وقد كان لابن عمر عبد نصراني يبيع الخمر فمات فورثه ، وهذا إذا كان يتجر لنفسه، وإن كان تجره لسيده لم يجز شيء من ذلك وكان بمنزلة ما لو كان السيد تولى ذلك البيع; لأنه وكيل له، وإذا كان عبد بين رجلين لم يكن لأحدهما أن يأذن له في تجارة أو إجارة من غير مراضاة لشريكه بذلك ; لأن ذلك يؤدي إلى تلف ما في يديه إن خسر أو يلزم ذمته دينا وذلك عيب فيه، ولهما أن يقتسما ماله إذا تراضيا بذلك فإن اختلفا كان القول قول من دعا [ ص: 3240 ] إلى بقائه .

                                                                                                                                                                                        قال مالك: لأن ذلك يكسد ثمن العبد ، يريد: إذا كان بقاء المال يزيد في ثمنه أكثر من ذلك المال ، وإن كان الذي يزيد في ثمنه مثل الذي في يديه مثل أن يكون ثمنه خمسين دينارا وماله خمسون دينارا فإن بيع بماله بيع بمائة أو تسعين فيكون القول قول من دعا إلى قسمة ذلك المال ; لأنه يكسد ثمنه. [ ص: 3241 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية