الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب هل يمنع الكلأ أو يباع، ومن دخل أرضه ماء أو حيتان هل يمنعه أو يبيعه

                                                                                                                                                                                        قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنع الكلأ، والناس فيه سواء" ، وقال: "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ" ، يريد: أن الإبل والماشية إنما يقام بها على الرعي إذا مكنت من الشرب، فإن منعته رحلوا عن الكلإ، فكان منع الشرب منعا للكلإ، قال ابن القاسم: وأحسب ذلك في الصحاري، وأما القرى والأرض التي عرفها أهلها فهم أحق به إذا احتاجوا إليه .

                                                                                                                                                                                        والكلأ يختلف في الإباحة والمنع باختلاف أماكنه، وأماكنه ثلاثة: أرض غير مملوكة، ومملوكة مباحة لا حيطان عليها، ومحظر عليها بالحيطان.

                                                                                                                                                                                        - فإن كان في أرض غير مملوكة فأتى إليها رجلان معا كانا فيه شريكين، [ ص: 3270 ] واختلف إذا سبق أحدهما أو حفر بئرا للماشية هل يكون أحق بذلك الكلإ إذا كان لا فضل فيه عنه، فقال ابن القاسم في المدونة إذا حفر قوم بئرا لماشيتهم: هم والناس في المرعى سواء . ولم يجعل لهم حقا في التبدية يمنعون به غيرهم ممن يأتي.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في النوادر: إذا نزل قوم أرضا فرعوا ما حولهم، فهم أحق به من غيرهم، وقال: ذلك إحياء; لأنهم رعوا، وينتظرون أن يرعوا .

                                                                                                                                                                                        فرأى لهم السبق حقا، وقد يحسن هذا إذا انتجعوا لأجله، فأما إذا مروا به فنزلوا عليه فلا، وإن حفروا لأجله فهو أبين أن يكونوا أحق به، ولا يختلف أنه لا يمنع بذلك الحفر الفضل عن حاجته، وقال المغيرة: من حفر بئرا حيث الكلأ وحيث يرعى الناس فهو أحق بما يصلح ماشيته، ولا يمنع ما فضل عنه . [ ص: 3271 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية