الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في إصلاح القنوات وكنسها وما يلزم من ذلك]

                                                                                                                                                                                        اختلف في كنس قنوات الديار، فقال سحنون: يكنس الأول حتى يبلغ الثاني، ثم الأول والثاني حتى يبلغ الثالث، ثم الأول والثاني والثالث حتى يبلغ الرابع هكذا حتى يبلغ الآخر; لأن الأول ينتفع بها وماؤه يسلكها، وقال يحيى بن عمر في قوم لهم قناة يجري ماء كل قناة على جاره حتى يصل ماؤهم إلى الأم فانسدت قناة أحدهم، فكنس الأول فلم يجر ماؤها في قناة جاره، فقال له اكنس قناتك حتى يجري مائي، وكذلك من بعده ممن يليه، قال: يجبر من انسدت قناته على كنسها حتى يجري ماء جاره هكذا يلزمهم حتى يخرج ماؤهم إلى الأم التي تخرج إلى الخندق، فإن كنسها على جميعهم ثم ينظر، فإن كان إنما يجري إليها ماء المطر فالكنس على عدد الديار، وإن كانت بالأثفال فالغرم على كثرة العيال، فلم يجعل بينهم شركة فيما كان قبل أن يخرج إلى الأم، وليس بالبين لأن ما يجتمع من ذلك بمنزلة ما يكون من الأنهار بين البساتين; لأن ما يكون من أول دار في الدرب أو الرائغة أقل مما يكون من الثانية إلى الثالثة، فكلما تمادى كثر ، فالثاني يقول للأول: لولا ما يصل من دارك لم يكن عندي إلا مثل ما عندك، والثالث يقول: لولا ما يصل من دارك لم يكن عندي إلا مثل ما عند الأول، ولهذا كان [ ص: 3286 ] ما يخرج إلى الشوارع أمهات واسعة، ويلزم على ما قال يحيى أن يقال هو ليس على أصحاب الدرب والروائغ أن يؤدوا مع أصحاب الشوارع، وهذا ظلم لأن كل واحد يقول لولا ما يصل من دار جاري لم يكن من داري إلى من تحته إلا مثل ما يكون من أول دار في الدرب، إلا أني لا أقول إن على كل واحد أن يؤدي مع كل واحد حتى يصل إلى آخر المدينة بالسواء; لأنه لا يدري ما وقف عنده ولا قدر ما أضر به، وأن يجري الأمر على ما اصطلحوا عليه، وتحالوا فيه، وإن كان سفل لرجل وعلوه لآخر وتجتمع الأثفال في بئر السفل، فإن كانت البئر شركة كنس على عدد الجماجم.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانت ملكا لصاحب السفل، فقال ابن القاسم وأشهب: ذلك على صاحب السفل، وقال ابن وهب: على أعداد الجماجم .

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن، وإصلاح ما فسد من رقبة البئر على صاحب السفل إذا كان لا شركة فيها لصاحب العلو، وإن كان بئر للطهر وهو شركة بينهما كان إصلاحه أو بناؤه إن انهدم عليهما، وإن كانت الرقبة لصاحب السفل كان إصلاحها عليه، وكنس كل ما اجتمع فيه مما ينكسر من الذي يستأنى به عليهما، فإن كان الكنس لقلة الماء ونقصه مما يجره المياه من الرحل كان على صاحب السفل وهو صاحب البئر، فإن امتنع وتعطل أصلح العلو وكان أحق بمائه، إلا أن يعطيه الآخر ما أنفق. [ ص: 3287 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية