الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في اختلاف المشتري والشفيع في الثمن

                                                                                                                                                                                        وإذا اختلف المشتري والشفيع في الثمن وأتيا معا بما يشبه، فقال المشتري مائة، وقال الشفيع تسعين، كان القول قول المشتري مع يمينه إذا ادعى الشفيع المعرفة بالثمن فقال: كنت حاضرا البيع أو أقررت لي بذلك .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا لم يدع المعرفة واتهمه أن يكون الثمن دون ذلك، فقيل: لا يمين عليه، وقيل: يحلف بالله لقد أخرج فيه من الثمن ما سمى، وما أعلن شيئا وأسر غيره، وما ابتاع بعرض ولا بدين، ثم قيل للشفيع: خذ أو اترك، والأخذ باليمين اليوم أحسن; لأن الناس قد كثر منهم التحيل فيما يرون أنه يدفع الشفيع عن الأخذ، وربما أظهروا أن ذلك صدقة وهو في الباطن بيع إلا من كان من أهل الثقة والدين فلا يحلف.

                                                                                                                                                                                        وإن أتى المشتري بما لا يشبه والشفيع بما يشبه حلف الشفيع وأخذ بما حلف عليه، قال مالك: إلا أن يكون مثل هؤلاء الملوك فيرغب في الدار لجواره، ويثمن فيها- فيكون القول قول المشتري إذا أتى بما يشبه ، يريد: ما يمكن أن يزيده فيها، وإن أتيا جميعا بما لا يشبه حلفا ورد إلى الوسط مما يشبه فيأخذ به أو يدع وإن حلف أحدهما ونكل الآخر كانت الشفعة بما حلف عليه الحالف منهما . [ ص: 3336 ]

                                                                                                                                                                                        ولأشهب عند محمد: وإن أتى المشتري بما لا يشبه ولا علم عند الشفيع من الثمن لأنه لم يحضر البيع أن القول قول المشتري مع يمينه .

                                                                                                                                                                                        وليس بحسن، وأراه بمنزلة من غيب الثمن، فإن رجع إلى ما يشبه، وإلا كان الشفيع بالخيار بين أن يأخذ الشقص ولا يدفع ثمنا حتى يثبت المشتري ما اشترى به، ويلزمه بيان الثمن، وإن لم يبين سجن.

                                                                                                                                                                                        ومحمل القول -إذا أتى المشتري بما لا يشبه ونكل المشتري- إن للشفيع أن يحلف ويأخذ ذلك إذا أتى بما لا يشبه في الغالب، فأما إن قال فيما ثمنه خمسون اشتريته بمائتين لم يقبل قوله، ولم يتعلق في مثل ذلك يمين; لأنه في معنى المستحيل وبمنزلة من غيب الثمن، وقال سحنون في المجموعة: إذا ظهر للحكم في ثمن الشقص تجاوز عن التغابن، وكان الأغلب أنه حيلة لقطع الشفعة رد إلى ما شبه من ذلك، وأقربه من قيمة الشقص وجعلهما بمنزلة من اشترى بثمن فكتمه.

                                                                                                                                                                                        وهذا أحسن إذا كان لا يشبه على حال . [ ص: 3337 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية