الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في من تصدق بصدقة فلم يقم عليه حتى مرض المصدق]

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال ابن القاسم في من تصدق بصدقة فلم يقم عليه حتى مرض المتصدق: لم يجز للمتصدق عليه قبضها وكانت ميراثا .

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف في موضعين: أحدهما: إذا كان المرض بفور الصدقة هل [ ص: 3470 ] يخرج من رأس المال؟ والثاني: إذا فرط في القبض هل يخرج من الثلث أو يسقط أو يكون له ثلثها؟ فقال مالك مرة: إن لم يفرط في القبض كانت له من رأس المال، وقال مرة: يسقط وإن فرط لم يخرج من رأس المال، قال ابن القاسم: ولا من الثلث.

                                                                                                                                                                                        وقال في كتاب العتق الأول في من أعتق نصيبا من عبد فقيم عليه في المرض أنه يقوم عليه في الثلث، فعلى هذا يخرج الصدقة من ثلثه . وقال أشهب في كتاب محمد: يقضى له الآن بثلثها، فإن صح قضى له بقيتها، قال: ولا أرى قول من قال: يجوز له كلها من ثلثه، ولا من قال: لا شيء له منها .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا لم يقم عليه حتى مات بفور الصدقة، فقال: يسقط جميعها ، وقال في غير موضع: تصح من رأس المال، فإن فرط لم يصح من رأس المال ولا من الثلث. قال محمد: فلم تخرج من الثلث لأنه سبق فيها حوز الورثة قبل حوز المتصدق عليه بها، وقد صار ما جعل من ذلك لغيره إذ ترك لورثته ولم يستثن ثلثا ولا غيره. قال: وهو بمنزلة من تصدق بصدقة ثم تصدق بها فقبضها الآخر فهو أحق بها بحوزه.

                                                                                                                                                                                        قال: وقال أشهب: قال ربيعة: إن مات المعطي قبل الحوز كان للمعطى ثلثها، وقال ابن شهاب: بل هي للمعطى إن حملها الثلث ، وقول ابن القاسم: "إذا قيم عليه في المرض تكون في الثلث" حسن; لأن ثلثه باق على [ ص: 3471 ] ملكه تجوز أحكامه فيه حسب ما كانت تجوز في الجميع في الصحة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية