الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في ما إذا تصدقت بثلث مالها ثم بثلث الباقي]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا تصدقت بثلث ثم بثلث الباقي وبعد ما بين الصدقتين ، هل تمضي الثانية؟ فقال محمد : تمضي الصدقتان ، ولها أيضا أن توصي بثلثها .

                                                                                                                                                                                        وقال أبو محمد عبد الوهاب : ليس لها بعد ذلك في ذلك المال عطية إلا أن تفيد مالا آخر . وهو أحسن ، وقول محمد يؤدي إلى أنها تنفذ جميع مالها بالعطايا مرة بعد أخرى .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قرب ما بين الصدقتين ، هل تمضي الأولى أو تردان جميعا؟

                                                                                                                                                                                        وجعل أصبغ في كتاب ابن حبيب المسألة على ثلاثة أوجه ، فإن قرب ما بينهما مثل اليوم واليومين كان محمله محمل العقد الواحد ، فيبطل الجميع ، وإن كان بينهما مثل ستة أشهر مضى الجميع ، وإن كان مثل الشهر والشهرين مضى الأول دون الثاني ، وهذا قوله : إذا أعتقت ثم أعتقت .

                                                                                                                                                                                        والعتق والصدقة سواء ، وأرى أن تمضي الصدقة الأولى وإن قرب ما [ ص: 3522 ] بينهما; لأن العطية الثانية على شك هل ذلك لرأي حدث ، أو لأنه كان المراد من الأول؟ على أن الصواب في العطية الواحدة إذا جاوزت الثلث أن يرد الزائد ، إلا أن تفيد مالا فلا تمنع من إحداث العطية ، ولو قيل لها أن تعطي جميع الفائدة كان صوابا; لأنها إنما منعت من أكثر من الثلث فيما كان قبل التزويج ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "تتزوج المرأة لأربع لمالها . . . " الحديث ، والفائدة لم تتزوج لأجلها ، ولا زيد في الصداق لأجلها ، وقد يكون له في ذلك مقال : إذا كانت الفائدة بميراث عن أبيها ، وزيد في الصداق ، ليسار الأب لما يرجى منه ، وإن تزوجها بصداق فقيرة ، أو صار لها ذلك بصدقة أو هبة من أجنبي ، أو بميراث عن أخ ، أو ولد لم يكن له فيه مقال .

                                                                                                                                                                                        واختلف في حمالتها بأكثر من الثلث ، فقيل : لا يجوز ; لأنها هبة . وقال عبد الملك في كتاب محمد : تجوز . [ ص: 3523 ]

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن إذا كان المتحمل به موسرا ، فإن توجه الغرم عليها لعدم الناض أو لغيبة مال رجعت متى تيسر القضاء من المتحمل به ، وإن كان فقيرا جاز ذلك من الثلث ، وسقط الزائد . [ ص: 3524 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية