الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن حلف بعتق عبده ليضربنه ثم دبره أو أعتقه إلى أجل أو أمة فأولدها ثم ضربه]

                                                                                                                                                                                        وإذا حلف بعتق عبده ليضربنه ثم دبره أو أعتقه إلى أجل أو كانت أمة ، فأولدها ثم ضربه بعد ذلك أجزأه ، واختلف إذا باعه قبل أن يضربه أو كاتبه ، فأما البيع فاختلف فيه هل يحنث بنفس البيع أم لا يحنث وينقض البيع ، ويرد إلى يده حتى يبر بالضرب .

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يحنث إذا لم يرد البيع حتى ضربه وهو في يد المشتري ، فذهب مالك وابن القاسم إلى أن البيع ليس بفوت وينقض البيع ، ويرد إلى يد البائع حتى يبر أو يحنث . وقال ابن دينار : ينقض البيع ويعتق ، قال : ولا أنقض صفقة مسلم إلا إلى عتق ناجز . وقول مالك أبين; لأن البيع ينقض من أصله ، ويعاد على ملك الأول; لأنه كان مرتهنا بيمينه .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم : إن ضربه وهو عند المشتري ، لم يبر ، وإن ضربه بعد أن كاتبه فإنه يبر ، وقال أشهب : إن ضربه وهو عند المشتري أجزأه ، وإن ضربه بعد أن كاتبه وقفت كتابته ، فإن عجز أجزأه ذلك الضرب ، وإن أدى كان [ ص: 3735 ] حرا ورد إليه ما أخذ منه ، وقاله أصبغ إذا أدى وخالفه إذا عجز وقال : لا يجزئه ذلك الضرب .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : اختلف في الأيمان عند عدم النية ، هل تحمل على ما يوجبه اللفظ أو على المقاصد والعرف ؟ فعلى القول : إنه على ما يوجبه اللفظ يبر بضربه عند المشتري وفي الكتابة; لأنه فعل ما حلف عليه ليفعلنه ، وكذلك إذا حمل على المقاصد وكان القصد إيلامه بذلك الضرب; لأنه آلمه به وبلغ مراده ونكايته ، وإن كان القصد نكاية الضرب بالعبدية; لأن فيه زيادة الإذلال ، لم يبر إذا باعه ، ويبر إذا كاتبه; لأنه باق على ذلة العبدية لم يخرج عنها بعد .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانت أمة فحملت من المشتري ، فقال أشهب : لا يبر بضربها بعد الحمل ، وقد فات موضع بره ، وهي حرة مكانها ويرجع المشتري بالثمن ولا يحاسب من قيمة الولد بشيء ، وكذلك قال لي مالك ، وقال ابن القاسم : تمضي أم ولد للمشتري كالمدبرة إذا بيعت ففاتت بحمل [ ص: 3736 ] وهو أحسن ، وأن تمضي أم ولد أولى من ردها إلى البائع فيضربها وتكون رقيقا .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية