الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في المدبرة بين الشريكين تحمل من أحدهما

                                                                                                                                                                                        قال مالك في المدونة : إذا دبر رجلان أمة ، ثم حملت من أحدهما وهو موسر- قوم نصيب المدبر على الواطئ ، ويفسخ التدبير ، قال : وإنما ينظر إلى الذي هو أوكد ، فيلزمه السيد ، وأم الولد آكد من التدبير .

                                                                                                                                                                                        وقال غيره : فإن كان الواطئ معسرا كان الشريك بالخيار بين أن يضمنه نصف قيمتها ، وتكون له أم ولد ، أو يتمسك بنصيبه ويتبعه بنصف قيمة الولد يوم يولد ، فإن أفاد بعد ذلك مالا لم تقوم الأم عليه ، وإن مات المدبر وعليه دين يغترق نصفه- لم يقوم ذلك النصيب على الواطئ ، وإن اشتراه الواطئ ليسر حدث لم يكن ذلك النصف على حكم أم الولد ، وكان نصفا رقيقا ونصفا بحساب أم الولد ، وحل له وطؤها ، فإن كان للمدبر مال وحمل الثلث نصيبه- أعتق بالتدبير ، وأعتق نصيب الواطئ ، وكذلك إن حمل الثلث بعض نصيب الميت ، فإنه يعتق نصيب الواطئ; لأن وطأها حرام ، ولا يرجى أن تحل له بملك ، وإن مات الواطئ في حياة المدبر كان نصيبه حرا من [ ص: 3945 ] رأس المال ، وبقي نصيب الآخر على التدبير حتى يعتق في ثلث سيده ، ويختلف في هذه المسألة في ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                        أحدها : في تقويم نصيب المدبر مع يسر الواطئ .

                                                                                                                                                                                        فقال مالك في مختصر ابن عبد الحكم : يقوم نصف الولد وحده ، ويمنع الواطئ منها ، فإن مات المدبر وترك وفاء- أعتق نصيبه ، وإن لم يترك وفاء قومت على الواطئ ، وكانت له أم ولد ، وهذا هو أحد قوليه : أن الولاء قد ثبت بالتدبير ، وأنه ينقض عتقه إن بيع وعتق .

                                                                                                                                                                                        وأما قوله إنها تكون له أم ولد فإنما يصح على أن القيمة تكون يوم حملت ، وتسقط القيمة التي أخذت من الواطئ في الولد ، وتعاد إليه أو يحاسب بها ، فإن التزم قيمتها بولد وجعل القيمة عليه اليوم ، أو يوم ولدت لم تكن أم ولد .

                                                                                                                                                                                        والثاني : إن كان الواطئ معسرا فإنه لا يخير المدبر على هذا القول ، ولا ينقض التدبير ، وإنما يرجع بنصف قيمة الولد .

                                                                                                                                                                                        والثالث : إذا لم يقوم على الواطئ لأجل العسر أو لأن في ذلك نقلا للولاء على أحد قولي مالك ، فإنه لا يعتق نصيبه الذي أولد عند أشهب ، وله أن يتبعه ولا يكون عنده بعض أم ولد . [ ص: 3946 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية