الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الكتابة على الخدمة أو على مال وخدمة أو غيرها وفي فسخ الكتابة في غيرها نقدا أو إلى أجل

                                                                                                                                                                                        فإن قال : أكاتبك على خدمة هذا الشهر أو على خدمة شهر جاز ، فإن عينه وقال : هذا ، ومرضه أو أبق فيه لم يعتق ، بخلاف المعتق إلى أجل لأن هذا أجراه على الكتابة ، ومفهوم الكتابة ألا حرية إلا بالأداء كالبيع ، فإن أعطاه العبد قيمة خدمته عن ذلك الشهر فيستحسن أن يعتق ، وإن قال : أكاتبك على خدمة شهر ومرض بعد العقد شهرا أو أبقه لم يعتق إلا أن يخدم بعد ذلك شهرا ، أو محمل قوله أكاتبك على خدمة شهر على سنة الكتابة أن العتق بعد الخدمة إلا أن يعترف أنه أراد تعجيل العتق فيمضي العتق وتسقط الخدمة .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كاتبه على مال وخدمة شهر ، فقال مالك مرة : الخدمة لازمة ما لم يؤد المال ، فإن أداه سقطت ولم يؤد عنها شيئا قال : لأن الخدمة بقية رق فيستكمل عليه ، وكذلك الأسفار يشترطها عليه فإنه يسافر ما لم يؤد المال ، فإن أداه سقطت . [ ص: 3968 ]

                                                                                                                                                                                        وقال في كتاب محمد : يعطيه مكان الأسفار شيئا ويمضي عتقه ، وعلى هذا يعطيه قيمة الخدمة ، وقال أيضا : كل من جعل حرية عبده بعد قضاء الخدمة والأسفار لزم ذلك العبد ، ولم يعتق إلا بعد ذلك كله ، أو يعجل قيمة ذلك ، وقال أصبغ : لا يعجبني إلزامه الشرط بالخدمة ، ولكن تسقط الخدمة وتثبت الكتابة ، كالذي يستثني على الأمة ما تلد في الكتابة ، فتمضي الكتابة ويسقط الشرط فأسقط الخدمة وإن لم يؤد المال ، وليس بحسن ، وقد قال ابن القاسم : إذا اشترط ألا يخرج من عمل ولا من خدمته حتى يؤدي المال أن الكتابة ثابتة ، فلا يفسخ الشرط ، وإن كاتبه على مال ضحايا يؤديها له في الأعياد فعجل المال لم يعتق إلا بأداء الضحايا لأنها مال بخلاف الخدمة ، وإن عجل قيمتها عجل عتقه ، وإن كره السيد ، قال مالك : ليس قيمتها إلى حلولها ، ولكن قيمتها على أنها قد حلت ، وهذا صحيح ، وهو بمنزلة من كاتب على عروض ، فإن للمكاتب تعجيلها ، وعلى السيد قبولها; لأن القصد في التأجيل بالكتابة التخفيف عن المكاتب ، وليس ليضمن السيد ففارقت البيع ، وكذلك إذا كاتبه على خدمة خاصة ولا شيء معها فأراد تعجيل قيمتها كان ذلك له ويغرم حسب ما تقدم في الضحايا [ ص: 3969 ] خاصة تقويم الشيء الذي قد حل وتوجه قبضه ، وليس قيمة الشيء المؤجل يباع بالنقد ، فإن كانت قيمة الخدمة في تلك الشهور والأيام متساوية نظر كم قيمة أول يوم بالنقد لأنه يمكن قبضه فما قيل أنه قيمته حسب على مثله جميع أيام تلك الخدمة .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية