الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في جماعة العبيد يكاتبون كتابة واحدة وهم لمالك واحد أو لمالكين

                                                                                                                                                                                        وإذا كان لرجل جماعة عبيد جاز أن يكاتبهم كتابة واحدة ، ثم يكون سعيهم منفردا يسعى كل واحد على قدر قوته منهم فيما ينوبه من تلك الكتابة .

                                                                                                                                                                                        واختلف في كيفية الفض عليهم ، فقال في المدونة : يفض على قدر قوتهم عليها . وقال ابن الماجشون : وعلى قدر القوة والأداء ، وقيمة الرقاب ، وذكر ابن المواز قولا آخر أنها تقسم على العدد .

                                                                                                                                                                                        وأرى أن تقسم على قدر القوة ، وقيم الرقاب بحسب ما يرى أنه كان يكاتب به كل واحد منهم ، بانفراده فقد يتساوون في القوة على الأداء ، وثمن أحدهم عشرة دنانير ، والآخر مائة ، فمعلوم أن السيد لو كاتبهم على الانفراد لم يساو بينهم; لأن الغالب من السيد أنه يطلب الفضل .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك : إن مات أحد المكاتبين لم يحط عنهم شيء من الكتابة والقياس أن يحط عنهم ما ينوبه ; لأن كل واحد منهم اشترى نفسه بما [ ص: 3979 ] ينوبه من تلك الكتابة ، فإن مات ، مات في الرق وسقطت الحمالة عنه .

                                                                                                                                                                                        وإن استحق أحدهم بحرية أو ملك سقط عن أصحابه ما ينوبه; لأنه قد تبين أن السيد عقد الكتابة على غير ملكه ولا تلزم الحمالة للسيد بما هو ملك لغيره ، وإن غاب أحدهم أو عجز لم يسقط عن الباقين مما ينوبه شيء .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا عجز بعضهم وأدى الآخرون جميع الكتابة في صفة رجوعه على من أدى عنه ، فقال مطرف وابن الماجشون : ذلك على قدر قيمتهم يوم عتقوا ليس يوم كوتبوا ، وقال أشهب : يوم كوتبوا ، وقال أصبغ : على قدر قيمتهم يوم كوتبوا وحالهم يوم عتقوا لو كانت هي حالهم يوم كوتبوا ، والقياس أن يرجع بما أدى عنهم مما كانوا يؤدونه لو لم يعجزوا على صفة الفض الأول قبل العجز; لأنه القدر الذي كانت الحمالة به .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية