الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن يدخل في كتابة المكاتب ومن لا يدخل في الكتابة

                                                                                                                                                                                        يدخل في الكتابة الولد إذا حدث في كتابة المكاتب أو المكاتبة، ويفترق الجواب: إذا كان في حين الكتابة حمل، فإن كوتبت أمة وهي حامل كان حملها في كتابتها، وإن كوتب عبد وله أمة حامل لم يدخل الحمل في كتابته إلا أن يشترطه، فإن اشترى أمة حاملا منه بإذن سيده دخل الحمل إذا ولد في كتابته، وإن اشتراها بغير إذنه لم يدخل في كتابته، وعلى قول ابن نافع يدخل في كتابته وإن لم يأذن السيد، وأجاز ابن القاسم أن يشتري زوجته وهي حامل منه بغير إذن السيد لما كان يجوز له أن يتسرى بغير إذن سيده ويولد؛ لأن الحمل لا يزاد في الثمن لأجله، بل الغالب أنه يحط من الثمن.

                                                                                                                                                                                        وأما من سوى الابن ممن يعتق عليه من القرابة فإن اشتراه بغير إذن سيده لم يدخل في الكتابة. [ ص: 4019 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا اشتراه بإذن سيده، فقال مالك وابن القاسم: يدخل في الكتابة الأب والجد والأخ وابن الأخ، ولا تدخل العمات ولا الخالات، وقال أشهب: يدخل الأب دون الجد والإخوة، وقال ابن نافع: لا يدخل إلا الابن وحده، وسواء اشتراه بإذن سيده أو بغير إذنه؛ لأن له أن يستخدمه، قال الشيخ: إن إذن السيد في الشراء لا يتضمن سوى جواز الشراء، ولا يوجب بغير عقد الكتابة، ولا دخل المشتري فيها، والابن والأب في ذلك سواء، إلا أن تكون العادة أن المراد بالاستئذان أن يدخل في الكتابة، وكره مالك أن يشتري أحدا من هؤلاء بغير إذن سيده، ولم يفسخه ابن القاسم إذا نزل، وقياد قول مالك أنه يفسخ، ولا يجوز أن يشتريه إلا أن يكون معه في الكتابة، وإلا نقض البيع، فكل من دخل في الكتابة يكون حكمه حكم من عقدت عليه الكتابة: يتجر ويبيع ويشتري ويسعى ويؤاجر نفسه من غير إذن من السيد الأعلى ولا من مشتريه، وإن خشي من عقدت عليه الكتابة من العجز لم يمكن من بيع المشترى وكان العجز أو العتق في جميعهم، إلا أن يأذن السيد لمن عقدت عليه الكتابة في [ ص: 4020 ] بيعه، فيجوز؛ لأن للسيد أن يعجز جميعهم، فلو أذن حينئذ لمن لم تنعقد عليه الكتابة أن يبيع ما انعقدت عليه الكتابة لجاز، وإذا كان الشراء بغير إذنه كان المشتري على الحجر إلا أن يأذن له مشتريه، فإن خشي العجز جاز له أن يبيعه وإن كره السيد الأعلى. [ ص: 4021 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية