باب في ميراث الحملاء
قال كل مالك: وأما كل قوم تحملوا فإن كان عددهم يسيرا لم يتوارثوا بذلك إلا أن تكون لهم بينة عادلة على الأصل مثل الأسارى من المسلمين يكونون عندهم. بلاد افتتحت عنوة ثم سكنها المسلمون ثم أسلم أهل تلك الدار، فإنهم يتوارثون بأنسابهم التي كانت في الجاهلية كما كانت العرب حين أسلمت،
وأجاز في كتاب السرقة شهادة من دخل إليهم بتجارة.
واختلف في العدد الذي يكتفى به إذا لم تكن عدالة، فقال في العتبية: العشرون إذا شهدوا يتوارثون بهم، وقال ابن القاسم لا يتوارثون بهم. سحنون:
قال الشيخ: دعوى الحملاء المناسبة على ثلاثة أوجه: أبوة، وبنوة، وأخوة وغيرها من الأقارب، فاختلف في البنوة هل يكتفى في ذلك بقول الأب: "هذا ولدي" من غير شهادة، فقول مالك إنه يقبل قوله؛ لأنه قال في كتاب أمهات الأولاد في من كان مقيما في بلد فيقدم بالغلام محمولا وقد ولد في أرض الشرك مثل الصقالبة والزنج، فقال: هذا ابني، وقد علم أنه دخل تلك [ ص: 4148 ] البلاد أنه يقبل قوله، فإذا قبل قول من دخل إليهم كان قول من هو منهم ومقيم معهم أولى.
وقال والقاضي أبو محمد عبد الوهاب في كتاب الفرائض من المعونة: لا يقبل منه. أبو الحسن بن القصار
والأول أحسن، والمعروف في الولد أنه يقبل ممن استلحقه إذا كانا طارئين، وإذا قال: "ولد ولدي" كان على التفسير الذي تقدم في الجد.
وإن قال: "أخي أو ابن أخي أو ابن عمي" لم يقبل منه، وها هنا يفتقر إلى الشهادة كما قال، فإن شهد مسلمون كانوا عندهم أو اثنان ممن أسلم منهم وعدلوا- جازت شهادتهم، وإن شهد اثنان منهم عدلان وشهد المشهود له للشهود جرت على قولين: فإن لم تكن عدالة فالعدد الكثير كما قال وجميع هذا إذا كانت الدعوى والموت بفور القدوم، وأما إن طالت المدة وهم يتناسبون على ذلك ولا أحد ممن قدم ينكر ذلك عليهم ولا ممن يقدم من الموضع الذي قدموا منه، فإن ذلك يصير حوزا ويتوارثون به، وإن لم تكن شهادة كما قال في الطارئ يدعي نسبا ويطول زمانه، وهو يزعم ذلك ولا [ ص: 4149 ] ينكره أحد: إن طول المدة تثبت له نسبه، ويحد من قطعه منه. ابن القاسم