الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما تفوت به الأمة ولا تفوت به]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد: وطء الأمة فوت، ولم يجعل الغيبة عليها فوتا، وهذا أمر لا يعلم إلا من قوله، فإن قال: أصبتها صدق، وإن قال: لم [ ص: 4225 ] أصبها وصدقه البائع ردت ووقفت للاستبراء، وإن كذبه وكانت من العلي لم ترد. وإن كانت من الوخش كان القول قوله إن لم يصب وردت ولم توقف.

                                                                                                                                                                                        وكذلك هبة الأب الجارية لولده الكبير له أن يعتصرها، وإن غاب عليها إذا اعترف أنه لم يصب، وإن ادعى أنه قد أصاب صدق ولم يعتصر الأب على مذهب ابن القاسم. وقال المخزومي: له أن يعتصرها.

                                                                                                                                                                                        وكذلك الجارية يشتريها شراء صحيحا، ثم يجد بها عيبا فله أن يردها، وإن غاب عليها والقول قوله أنه لم يصبها.

                                                                                                                                                                                        واختلف قول مالك إذا أصابها، فروى عنه ابن القاسم أن له أن يردها. وقال في كتاب ابن حبيب: ليس له أن يردها.

                                                                                                                                                                                        وكذلك الهبة للثواب له أن يردها وإن غاب عليها، والقول قوله أنه لم يصبها، فإن وطئها كان رضا بالتزام الثواب ولم ترد.

                                                                                                                                                                                        وأما الغاصب يغصب الجارية، فإن غاب عليها لزمته قيمتها، وطئها أو لم يطأها؛ لأن الغاصب يضمن بالعيب اليسير، فيضمن بذكر الغصب والغيبة وإن لم يصب.

                                                                                                                                                                                        ومن أحل جاريته لرجل وغاب عليها لم يضمن بالغيبة عليها عند ابن [ ص: 4226 ] القاسم وردت ما لم يطأ، فإن ادعى أنه وطئ لم ترد.

                                                                                                                                                                                        ولو قيل في هذا: إنها لا ترد لكان وجها، وقد يكون قول ابن القاسم أنها ترد مراعاة للخلاف أنها ترد وإن وطئ.

                                                                                                                                                                                        وليس حرث الأرض وزراعتها فوتا، فإن أدرك ذلك في الإبان كان على المشتري كراء مثلها، فإن لم يعلم حتى خرج الإبان لم يكن عليه كراء، وردت الأرض في الوجهين جميعا. ولو كانت نخلا بيعت بيعا فاسدا فأثمرت، ردت الثمرة مع الأصل ما لم تطب، فإن طابت كانت للمشتري. وقال أصبغ في كتاب ابن حبيب: فهي للمبتاع بالإبان. والأول أحسن.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية