الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الأوجه التي تكون في السلعة في حين بيعها]

                                                                                                                                                                                        لا تخلو السلعة في حين البيع من ثلاثة أوجه: إما أن تكون في يد البائع، أو في يد أمينة، أو في يد مشتريها.

                                                                                                                                                                                        فإن كانت في يد البائع فهلكت قبل أن يسلمها، أو يمكن المشتري منها كانت من البائع. واختلف إذا أمكنه منها، فقال ابن القاسم: المصيبة من البائع.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب: من المشتري، والأول أصوب؛ لأن الحكم أن يرد ذلك إلى الرضا وتقر في يد البائع على حالها. [ ص: 4229 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانت في يد أمن البائع، فأقرها المشتري ولم يقبضها، هل تبقى على ضمان البائع؟ لأن الحكم أن تقر للبائع في يد أمينه ولا يقبضها المشتري، أو هل يضمنها المشتري؟

                                                                                                                                                                                        وكذلك إذا كانت قبل البيع عند المشتري، ثم اشتراها شراء فاسدا، فاختلف هل يضمنها المشتري أو تبقى في ضمان البائع؛ لأن الحكم أن يرد ذلك الرضا وتقر اليد على حالها على الأمانة، إلا أن يحدث فيها المشتري حدثا فيضمن قيمتها يوم أحدث ذلك، بخلاف أن يحدث بها أمر من غير سبب المشتري، وقد مضى بيان ذلك في كتاب الرهن وفي كتاب البيوع إذا باعها المشتري وهي في يد البائع أو البائع بعد أن قبضها المشتري.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانت في يد البائع فقبضها المشتري في نقض البيع، وفي ضمانها. فقال مالك وابن القاسم: ترد إلى البائع إن كانت قائمة، وإن هلكت كانت من المشتري.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن مسلمة: رد البيع بعد القبض استحسان.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون: إن كان البيع حراما كانت المصيبة من البائع، وهو في يد المشتري كالرهن.

                                                                                                                                                                                        فإن كان حيوانا كان القول قول المشتري في تلفه، وإن كان مما يغاب عليه [ ص: 4230 ] لم يصدق إلا أن تشهد له بينة على هلاكه، فيكون من البائع. وقول مالك في ذلك أحسن إلا أن يمضي البيع مع القيام لإمكان أن تفوت وهو لم يفت بعد.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان البيع مختلفا فيه على أربعة أقوال:

                                                                                                                                                                                        فقيل: يمضى بالعقد.

                                                                                                                                                                                        وقيل: بالقبض.

                                                                                                                                                                                        وقيل: حتى يفوت بعد القبض فيمضى بالثمن.

                                                                                                                                                                                        وقيل: بالقيمة كغيره من البياعات الفاسدة، وهذا قول من قاد مذهب نفسه ولم يراع الخلاف.

                                                                                                                                                                                        وقد تقدم ذلك في كتاب السلم الأول فيمن اشترى الثمار على كيل أو الزرع أو الفول قبل أن ييبس.

                                                                                                                                                                                        وأرى إذا ترجحت الدلائل عند المفتي، في صحة ذلك البيع وفساده، أن يتركهما على ما هما عليه ولا يعترضهما بنقض.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية