الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في تفرقة الولد من أحد أبويه أو غيرهما من الأقارب في البيع

                                                                                                                                                                                        روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة". وهذا حديث حسن السند ذكره الترمذي في مسنده.

                                                                                                                                                                                        وقال - صلى الله عليه وسلم: "لا توله والدة عن ولدها". والتفرقة بين الأم وولدها ممنوعة في البيع بهذه الأحاديث، ولا خلاف في ذلك.

                                                                                                                                                                                        واختلف في التفرقة بين الأب والولد، فقال مالك وابن القاسم: لا بأس به. وذكر محمد عن بعض أهل المدينة منع ذلك. وهو أحسن، قياسا على الأم، وإن كانت الأم أعظم في الموجدة، فمعلوم أن الأب يدخل عليه من ذلك ما تعظم فيه المشقة، وهو كالأم، وقد يكون بعض الآباء أشد. ولم يختلف المذهب في جواز التفرقة بين من سوى هذين من الأقارب، كالأخ والجد والجدة والخالة والعمة. [ ص: 4324 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف في وجه منع التفرقة بين الأم والولد، فقيل: ذلك لحق الأم، لئلا توله عليه كما في الحديث. وقيل: ذلك لحق الولد في الحضانة، والأول أحسن. ولو كان ذلك لحق الولد في الحضانة لم يفرق بين الصغير وبين كل من الصبي متعلق به في الحضانة، كالجدة والخالة والعمة، وتسليمهم ذلك دليل على أن النهي لما يختص بالأم من الموجدة، فحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك لتغليب أحد الضررين؛ لأن المضرة التي تدخل على الأم في التفرقة أعظم من ما يتزيد البائع من الثمن في بيعها على الانفراد.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية