وأما فالمذهب على منعه; لظاهر الحديث. وقال التنفل بعد صلاة الصبح في كتاب مطرف في ابن حبيب الطائف حينئذ: لا بأس أن يركع ما لم يسفر.
وقول أنه يؤخر الركوع حتى تطلع الشمس. فأجاز في القول الأول الركوع للطواف حينئذ; لأن صلاة الفجر تجوز على اختيار بعد الإسفار ما لم تطلع الشمس، وهو بمنزلة صلاة العصر ما لم تصفر الشمس. وقد ثبت في الصحيحين عن مالك - رضي الله عنها - عائشة . " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يركع ركعتين بعد العصر، حتى لقي الله -عز وجل-"
وأما فقال الصلاة إذا استوت الشمس، في المدونة: ما أدركت أهل [ ص: 387 ] الفضل والعبادة إلا وهم يهجرون ويصلون نصف النهار . مالك
وقال في المبسوط: وقد جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة نصف النهار، وليس بمجتمع عليه، وأنا لا أنهى عن الصلاة نصف النهار يوم الجمعة للذي أدركت عليه الناس، ولست أحبها; للذي بلغني من النهي فيها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يريد: حديثه في الموطأ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا ارتفعت فارقها، فإذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها" . " عن الصلاة في تلك الساعات"
وفي كتاب مسلم من طريق نحوه . عقبة بن عامر الجهني
وذهب قوم إلى أنه لا تكره الصلاة إلا في ساعتين; عند طلوع الشمس حتى ترتفع، وإذا دنت للغروب حتى تغيب. واحتجوا في ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: . " لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها"
وذكر أن ممن أخذ بذلك: محمد بن جرير الطبري بلال، وعبد الله بن [ ص: 388 ] مسعود، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وذكر عن وابن عباس، علي وأبي أيوب الأنصاري وتميم الداري - رضي الله عنهم - أنهم كانوا يصلون ركعتين بعد العصر، وعن وأبي الدرداء أنه كان يصلي بعد صلاة الفجر، وعن ابن عمر أنه نهى عمر بن الخطاب عن الصلاة بعد العصر، فقال له تميم: صليتها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له عمر: ليس من أجلكم أنهى أيها الرهط، ولكني أخاف من قوم يأتون بعدكم يصلون بعد العصر إلى المغرب حتى يمر بالساعات التي نهي عنها . تميما الداري
وذكر عنه أيضا فيما كان يضرب عليه الناس أنهم كانوا يؤخرون العصر، فإذا قيل لهم قالوا: كنا نصلي ركعتين.
فحمل الحديث في النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر أن ذلك حماية; لئلا يأتوا بها عند الغروب، أو يعتل الآخرون بها في تأخير العصر.
وذكر عن طاووس وعمرو بن ميمون وشريح ومسروق والأسود أنهم كانوا يصلون بعد العصر ركعتين.
وقد قيل فيمن قرب إلى القتل بعد العصر أن له أن يصلي حينئذ ركعتين، ولو كان ممنوعا لما جاز أن يتقرب إلى الله سبحانه حينئذ بما لا يجوز، وكل هؤلاء فضلاء . [ ص: 389 ]